آيات من القرآن الكريم

ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ۚ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ۚ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَٰكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا
ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ

عَقْلٍ أَوْ عَنْ شَرْعٍ فَإِذَا قَالَ فُلَانٌ ابْنُ فُلَانٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَنْ حَقِيقَةٍ أَوْ يَكُونَ عَنْ شَرْعٍ بِأَنْ يَكُونَ ابْنَهُ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْحَقِيقَةَ كَمَنْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَدًا وَكَانَتِ الزَّوْجَةُ مِنْ قَبْلُ زَوْجَةَ شَخْصٍ آخَرَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْهُ فَإِنَّا نُلْحِقُهُ بِالزَّوْجِ الثَّانِي لِقِيَامِ الْفِرَاشِ وَنَقُولُ إِنَّهُ ابْنُهُ وَفِي الدَّعِيِّ لَمْ تُوجَدِ الْحَقِيقَةُ وَلَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَقُولُ إِلَّا الْحَقَّ وَهَذَا خِلَافُ الْحَقِّ لِأَنَّ أَبَاهُ مَشْهُورٌ ظَاهِرٌ وَوَجْهٌ آخَرُ فِيهِ وَهُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا هَذِهِ زَوْجَةُ الِابْنِ فَتَحْرُمُ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى هِيَ لَكَ حَلَالٌ، وَقَوْلُهُمْ لَا اعْتِبَارَ بِهِ فَإِنَّهُ بِأَفْوَاهِهِمْ كَأَصْوَاتِ الْبَهَائِمِ، وَقَوْلُ اللَّهِ حَقٌّ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ يُؤَكِّدُ قَوْلَهُ: وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ يَعْنِي يَجِبُ اتِّبَاعُهُ لِكَوْنِهِ حَقًّا وَلِكَوْنِهِ هَادِيًا وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ فِيهِ لَطِيفَةٌ وَهُوَ أَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي بِالْفَمِ فَحَسْبُ يُشْبِهُ صَوْتَ الْبَهَائِمِ الَّذِي يُوجَدُ لَا عَنْ قَلْبٍ، ثُمَّ إِنَّ الْكَلَامَ الَّذِي بِالْقَلْبِ قَدْ/ يَكُونُ حَقًّا وَقَدْ يَكُونُ بَاطِلًا، لِأَنَّ مَنْ يَقُولُ شَيْئًا عَنِ اعْتِقَادٍ قَدْ يَكُونُ مُطَابِقًا فَيَكُونُ حَقًّا، وَقَدْ لَا يَكُونُ فَيَكُونُ بَاطِلًا، فَالْقَوْلُ الَّذِي بِالْقَلْبِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ مِنْ أَقْوَالِكُمْ قَدْ يَكُونُ حَقًّا وَقَدْ يَكُونُ بَاطِلًا لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الْوُجُودَ، وَقَوْلُ اللَّهِ حَقٌّ لِأَنَّهُ يَتْبَعُهُ الْوُجُودُ فَإِنَّهُ يَقُولُ عَمَّا كَانَ أَوْ يَقُولُ فَيَكُونُ، فَإِذَنْ قَوْلُ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَقْوَالِكُمُ الَّتِي عَنْ قُلُوبِكُمْ فَكَيْفَ تَكُونُ نِسْبَتُهُ إِلَى أَقْوَالِكُمُ الَّتِي بِأَفْوَاهِكُمْ، فَإِذَنْ لَا يَجُوزُ أَنْ تَأْخُذُوا بِقَوْلِكُمُ الْكَاذِبِ اللَّاغِي وَتَتْرُكُوا قَوْلَ اللَّهِ الْحَقَّ فَمَنْ يَقُولُ بِأَنَّ تَزَوُّجَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِزَيْنَبَ لَمْ يَكُنْ حَسَنًا يَكُونُ قَدْ تَرَكَ قَوْلَ اللَّهِ الْحَقَّ وَأَخَذَ بِقَوْلٍ خَرَجَ عَنِ الْفَمِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ اتِّبَاعَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ خَيْرٌ مِنَ الأخذ بقول الغير.
ثم بين الهداية وقال:
[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٥]
ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (٥)
قَوْلُهُ تَعَالَى: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ أَرْشَدُ وَقَالَ: هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ أَيْ أَعْدَلُ فَإِنَّهُ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي مَوْضِعِهِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ تَرَكَ الْإِضَافَةَ لِلْعُمُومِ أَيْ أَعْدَلُ كُلِّ كَلَامٍ كَقَوْلِ الْقَائِلِ اللَّهُ أَكْبَرُ وَثَانِيهِمَا:
أَنْ يَكُونَ مَا تَقَدَّمَ مَنْوِيًّا كَأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ أَقْسَطُ مِنْ قَوْلِكُمْ هُوَ ابْنُ فُلَانٍ ثُمَّ تَمَّمَ الْإِرْشَادَ وَقَالَ: فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ يَعْنِي قُولُوا لَهُمْ إِخْوَانُنَا وَأَخُو فُلَانٍ فَإِنْ كَانُوا مُحَرَّرِينَ فَقُولُوا مَوْلَى فُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ يَعْنِي قَوْلَ الْقَائِلِ لِغَيْرِهِ يَا بُنَيَّ بِطَرِيقِ الشَّفَقَةِ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ لِغَيْرِهِ يَا أَبِي بِطَرِيقِ التَّعْظِيمِ، فَإِنَّهُ مِثْلُ الْخَطَأِ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّغْوَ فِي الْيَمِينِ مِثْلُ الْخَطَأِ وَسَبْقِ اللِّسَانِ فَكَذَلِكَ سَبْقُ اللِّسَانِ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ ابْنِي وَالسَّهْوُ فِي قَوْلِهِ ابْنِي مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إِلَى إِثْبَاتِ النَّسَبِ سَوَاءٌ، وَقَوْلُهُ: وَلكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا سَبَقَ وَهُوَ الْجُنَاحُ يَعْنِي مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ فِيهِ جُنَاحٌ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً يَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَيَرْحَمُ الْمُذْنِبَ وَقَدْ ذَكَرْنَا كَلَامًا شَافِيًا فِي المغفرة والرحمة في مواضع، ونعيد بعضها هاهنا فَنَقُولُ الْمَغْفِرَةُ هُوَ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْقَادِرُ الْقَبِيحَ الصَّادِرَ مِمَّنْ تَحْتَ قُدْرَتِهِ حَتَّى إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَتَرَ عَيْبَ سَيِّدِهِ مَخَافَةَ عِقَابِهِ لَا يُقَالُ إِنَّهُ غَفَرَ لَهُ، وَالرَّحْمَةُ هُوَ أَنْ يَمِيلَ إِلَيْهِ بِالْإِحْسَانِ لِعَجْزِ الْمَرْحُومِ إِلَيْهِ لَا لِعِوَضٍ فَإِنَّ مَنْ مَالَ

صفحة رقم 156
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية