آيات من القرآن الكريم

ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ۚ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ۚ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَٰكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا
ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ

المنفيات، وقوله: بِأَفْواهِكُمْ تأكيد لبطلان القول
ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ الضمير للأدعياء، أي انسبوهم لآبائهم الذين ولدوهم النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ يقتضي أن يحبوه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أكثر مما يحبون أنفسهم، وأن ينصروا دينه أكثر مما ينصرون أنفسهم وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ جعل الله تعالى لأزواج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حرمة الأمهات في تحريم نكاحهن ووجوب مبرتهن، ولكن أوجب حجبهن عن الرجال.
وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ هذا نسخ لما كان في صدر الإسلام من التوارث بأخوة الإسلام، وبالهجرة وقد تكلمنا عليها في الأنفال فِي كِتابِ اللَّهِ يحتمل أن يريد القرآن، أو اللوح المحفوظ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يحتمل أن يكون بيانا لأولى الأرحام أو يتعلق بأولي: أي أولو الأرحام أولى بالميراث من المؤمنين، الذين ليسوا بذوي أرحام إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً يريد الإحسان إلى الأولياء الذين ليسوا بقرابة، ونفعهم في الحياة والوصية لهم عند الموت فذلك جائز، ومندوب إليه، وإن لم يكونوا قرابة، وأما الميراث فللقرابة خاصة، واختلف هل يعني بالأولياء المؤمنين خاصة، أو المؤمنين والكافرين؟ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً يعني القرآن أو اللوح المحفوظ وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ هو الميثاق بتبليغ الرسالة والقيام بالشرائع، وقيل: هو الميثاق الذي أخذه حين أخرج بني آدم من صلب آدم كالذر، والأول أرجح لأنه هو المختص بالأنبياء وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ قد دخل هؤلاء في جملة النبيين، ولكنه خصهم بالذكر تشريفا لهم، وقدم محمدا صلى الله عليه وآله وسلم تفضيلا له مِيثاقاً غَلِيظاً يعني الميثاق المذكور، وإنما كرره تأكيدا، وليصفه بأنه غليظ أي وثيق ثابت يجب الوفاء به لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ اللام تحتمل أن تكون لام كي أو لام الصيرورة، والصدق هنا يحتمل أن يكون الصدق في الأقوال، أو الصدق في الأفعال والعزائم ويحتمل أن يريد بالصادقين الأنبياء وغيرهم من المؤمنين.
اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ هذه الآية وما بعدها نزلت في قصة غزوة الخندق، والجنود المذكورة هم قريش ومن كان معهم من الكفار، وسماهم الله في هذه السورة الأحزاب، وكانوا نحو عشرة آلاف، حاصروا المدينة وحفر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخندق حولها ليمنعهم من دخولها فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً أرسل الله عليهم ريح الصبا، فأطفأت نيرانهم وأكفأت قدورهم، ولم يمكنهم معها قرار فانصرفوا خائبين

صفحة رقم 146

وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها يعني الملائكة إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ أي حصروا المدينة من أعلاها ومن أسفلها، وقيل: معنى من فوقكم أهل نجد، لأن أرضهم فوق المدينة ومن أسفل منكم أهل مكة وسائر تهامة وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ أي مالت عن مواضعها وذلك عبارة عن شدة الخوف وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ جمع حنجرة وهي الحلق وبلوغ القلب إليها مجاز، وهو عبارة عن شدّة الخوف وقيل: بل هي حقيقة، لأن الرئة تنتفخ من شدة الخوف، فتربو ويرتفع القلب بارتفاعها إلى الحنجرة وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا أي: تظنون أن الكفار يغلبونكم، وقد وعدكم الله بالنصر عليهم، فأما المنافقون فظنوا ظن السوء وصرحوا به، وأما المؤمنون فربما خطرت لبعضهم خطرة مما لا يمكن البشر دفعها، ثم استبصروا ووثقوا بوعد الله، وقرأ نافع [وابن عامر] الظنونا، والرسولا، والسبيلا، بالألف في الوصل وفي الوقف، وقرأ [ابن كثير والكسائي وحفص] بإسقاطها في الوصل دون الوقف، وقرأ أبو عمرو وحمزة بإسقاطها في الوقف دون الوصل فأما إسقاطها فهو الأصل وأما إثباتها فلتعديل رؤوس الآي لأنها كالقوافي، وتقتضي هذه العلة أن تثبت في الوقف خاصة، وأما من أثبتها في الحالين، فإنه أجرى الوصل مجرى الوقف.
هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ أي اختبروا أو أصابهم بلاء، والعامل في الظرف ابتلى وقيل: ما قبله وَزُلْزِلُوا أصل الزلزلة شدة التحريك وهو هنا عبارة عن اضطراب القلوب وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ روي أنه معتب بن قشير وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ قال السهيلي: الطائفة تقع على الواحد فما فوقه، والمراد هنا أوس بن قبطي يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا يثرب اسم المدينة وقيل: اسم البقعة التي المدينة في طرف منها، ومقام اسم موضع من القيام، أي: لإقرار لكم هنا يعنون موضع القتال وقرئ «١» بالضم وهو اسم موضع من الإقامة، وقولهم: فارجعوا أي إلى منازلكم بالمدينة ودعوا القتال وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ أي يستأذنه في الانصراف والمستأذن أوس بن قبطي وعشيرته وقيل: بنو حارثة إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ أي منكشفة للعدوّ وقيل: خالية للسراق فكذبهم الله في ذلك وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها أي لو دخلت عليهم المدينة من جهاتها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ يريد بالفتنة الكفر أو قتال المسلمين لَآتَوْها قرئ «٢» بالقصر بمعنى جاءوا إليها وبالمدّ بمعنى

(١). قرأ حفص: مقام بضم الميم وقرأ الباقون: مقام بفتحها.
(٢). قرأ نافع وابن كثير: لأتوها وقرأ الباقون بالمد: لآتوها.

صفحة رقم 147
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية