
﴿بُيُوتاً آمِنِينَ﴾. أي: كان ثمود، وهم قوم/ صالح ينحتون من الجبال بيوتاً آمنين من عذاب الله. وقيل: آمنين أن تنهدم عليهم. وقيل: آمنين من الموت.
﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة﴾ أي: صيحة الهلاك حين أصبحوا من اليوم الرابع الذي وعدوا فيه العذاب، إذ قيل: لهم ﴿تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ﴾ [هود: ٦٥]. فلم يغن عنهم عند ذلك ما كسبوا من الأعمال الخبيثة ولا من عرض الدنيا.
قوله: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بالحق﴾ إلى قوله: ﴿أَنَا النذير المبين﴾.
المعنى وما خلقنا الخلائق كلها إلا بالحق ﴿وَإِنَّ الساعة لآتِيَةٌ﴾ أي: أن القيامة لجائية، فارض بها يا محمد لمشركي قومك الذين كذبوا ما جئتهم به. ثم قال: ﴿فاصفح الصفح الجميل﴾ أي: فأعرض عنهم إعراضاً جميلاً واعف عنهم عفواً حسناً.
وهذه الآية منسوخة عند جماعة، بالأمر بالقتال وإنما كان هذا قبل أن يؤمر

بقتالهم، قال قتادة والضحاك ومجاهد.
ثم قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ المثاني﴾.
قيل: السبع المثاني السور الطوال وسميت مثاني لأنها تثنى فيها الأمثال والخبر والعبر والحدود والفرائض، قاله: ابن عباس ومجاهد وابن عمر وابن جبير وابن سيرين. [وهي] البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس. وقيل: السابعة الأنفال وبراءة.
وقال علي بن أبي طالب، وابن مسعود رضي الله عنهما: السبع المثاني آيات الحمد، لأنهن سبع آيات. وهو قول: أبي بن كعب.
وروي ذلك عن النبي ﷺ قال: هي أم القرآن. وقاله: أبو هريرة وعلي وعمر

وابن مسعود والحسن وقتادة. وسميت مثاني لأنها تثنى لأنها تثنى في كل ركعة أي: تعاد.
وقيل: المثاني القرآن غيرها. والمعنى سبع آيات من القرآن الذي هو مثاني. أي: تثنى فيه القصص والمواعظ والأخبار دل على ذلك قوله ﴿مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ﴾ [الزمر: ٢٣] فالمعنى: ولقد أعطيناك يا محمد سبع آيات، وهي الحمد، من المثاني أي من القرآن.
وقيل: السبع المثاني ما في القرآن من الأمر والنهي والبشرى والإنذار وضرب الأمثال وإعداد النعم وآتيناك نبأ القرآن العظيم.
وعن ابن عباس أن سورة الحمد هي المثاني/ وإنما سميت مثاني لأن الله [جلّ] ذكره استثناها لمحمد ﷺ دون سائر الأنبياء فادخرها له.
وعن ابن عباس: أخرجها لكم وما أخرجها لأحد كان قبلكم.

وقيل: " السبع المثاني ": الحمد " والقرآن العظيم " الحواميم.
وقال علي وأبو هريرة: والسبع المثاني، فاتحة الكتاب، قاله قتادة ومجاهد.
وقيل: المعنى وآتيناك سبع آيات وهي الحمد ﴿مِّنَ المثاني﴾ من القرآن، فمن للتبعيض.
و [قوله] ﴿والقرآن العظيم﴾ عني به الحمد على قول من رأى السبع المثاني [السبع] الطوال.
وقيل: [هي] القرآن كله.
ثم قال تعالى: ﴿لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ﴾.
معناه / استعن بما آتاك الله من القرآن عما في أيدي الناس. ومنه حديث النبي ﷺ: " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " أي: يستغني به عن المال. وعلى هذا تأول الحديث سفيان بن عيينة، وتأول الآية. وروى: من حفظ القرآن فرأى أن أحداً

أعطي أفضل مما أعطي فقد صغر عظيماً وعظم صغيراً.
فالمعنى: لا تتمنين ما جعلنا من زينة الدنيا متاعاً للأغنياء من قومك المشركين ﴿وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾. أي: على ما متعوا به من ذلك. فعجل لهم في الدنيا فإن لك في الآخرة مما هو خير لك من ذلك.
ومعنى: ﴿أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ﴾ أمثالاً منهم، يعني: الأغنياء منهم. والأزواج في اللغة: الأصناف.
﴿واخفض جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾.
أي: ألن جانبك لمن آمن بل وقربهم من نفسك. والجناحان من ابن آدم جنبناه، والجناحان الناحيتان، ومنه قول الله تعالى ﴿واضمم يَدَكَ إلى جَنَاحِكَ﴾ [طه: ٢٢].