آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ
ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم﴾ اخْتلف القَوْل فِي هَذَا، فَروِيَ عَن عمر وَعلي وَعبد الله بن مَسْعُود - فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ - وَمُجاهد وَقَتَادَة أَنهم قَالُوا: هِيَ فَاتِحَة الْكتاب، وَقد ثَبت هَذَا عَن النَّبِي بِرِوَايَة آدم بن أبي إِيَاس عَن ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي قَالَ: " الْحَمد لله: أم الْكتاب، والسبع المثاني، وَالْقُرْآن الْعَظِيم ".
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام الْأَجَل شيخ الْإِسْلَام أَبُو المظفر: أخبرناه الْمَكِّيّ بن عبد الرَّزَّاق الْكشميهني قَالَ: أَنا جدي أَبُو الْهَيْثَم مُحَمَّد بن الْمَكِّيّ، قَالَ: أَنا الْفربرِي، قَالَ: أَنا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ عَن آدم بن أبي إِيَاس... " الْخَبَر.
وَقد اخْتلفُوا فِي بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، فَقَالَ عَليّ وَابْن عَبَّاس: إِنَّهَا الْآيَة السَّابِعَة، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة وَمُجاهد وَقَتَادَة: إِنَّهَا لَيست بِآيَة مِنْهَا، وَالْآيَة السَّابِعَة قَوْله: ﴿صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم﴾.
وروى أبي بن كَعْب أَن النَّبِي قَالَ: " أنزلت عَليّ سُورَة مَا أنزلت فِي التَّوْرَاة

صفحة رقم 149

وَالْإِنْجِيل مثلهَا، وَهِي أم الْقُرْآن، والسبع المثاني، وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أَعْطيته " ذكره أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه.
وَالْقَوْل الثَّانِي فِي الْآيَة: أَن السَّبع المثاني هِيَ السَّبع (الطول) وَوَاحِدَة الطول طولى، وَهِي الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَالنِّسَاء والمائدة والأنعام والأعراف وَيُونُس وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُول، وَهُوَ قَول عبد الله بن عَبَّاس - فِي رِوَايَة سعيد بن جُبَير - وَهُوَ قَول الْحسن الْبَصْرِيّ وَجَمَاعَة من التَّابِعين.
وَفِي الْآيَة قَول ثَالِث: وَهُوَ أَن السَّبع المثاني: الْأَمر، وَالنَّهْي، والبشارة، والنذارة، وَضرب الْأَمْثَال، وتعداد النعم، وأنباء الْقُرُون السالفة.
وَأما معنى المثاني: فَإِذا حملنَا الْآيَة على الْفَاتِحَة، فَمَعْنَاه: أَنَّهَا تثنى فِي كل رَكْعَة، وَقيل: لِأَن فِيهَا الثَّنَاء على الله تَعَالَى، فَهُنَا تكون " من " للتجنيس لَا للتَّبْعِيض، فَهَذَا مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان﴾ وَذكر بَعضهم أَن معنى الْآيَة: وَلَقَد آتيناك سبعا من الْقُرْآن الَّذِي هُوَ مثاني، وَسمي الْقُرْآن مثاني؛ لِأَنَّهُ تثنى [فِيهِ] الْأَحْكَام والقصص والأمثال والعبر؛ فَتكون على هَذَا " من " للتَّبْعِيض، وَأما على القَوْل الَّذِي قُلْنَا أَن سبع المثاني هِيَ السَّبع (الطول) فَإِنَّمَا سَمَّاهَا مثاني؛ لِأَنَّهُ يثني فِيهَا الْأَخْبَار والأمثال والعبر والقصص.
وَأما قَوْله: ﴿وَالْقُرْآن الْعَظِيم﴾ المُرَاد مِنْهُ سَائِر الْقُرْآن سوى الْفَاتِحَة، وَفِي هَذَا شرف عَظِيم للفاتحة؛ لِأَنَّهُ خصها بِالذكر والإمتنان عَلَيْهِ بهَا، ثمَّ ذكر سَائِر الْقُرْآن، وعَلى القَوْل الثَّانِي: الْقُرْآن الْعَظِيم هُوَ السَّبع (الطول) وَغَيرهَا، وَخص السَّبع

صفحة رقم 150

﴿من المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم (٨٧) لَا تَمُدَّن عَيْنَيْك إِلَى مَا متعنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُم وَلَا﴾ (الطول) بِالذكر تَشْرِيفًا لَهَا، قَالَ الشَّاعِر:
(نشدتكم بمنزل الْفرْقَان... أم الْكتاب السَّبع من المثاني)
((ثِنْتَيْنِ) من آي من الْقُرْآن... )

صفحة رقم 151
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية