
قلنه هن، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).
حيث خانت زوجها.
أو (فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)، أي: في حيرة من حبه، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ... (٣١)
أي: بقولهن المكر: هو الأخذ في حال الأمن، وهو الخيانة فيما اؤتمن واستكتم؛ فهذه كأنها استكتمت سرّها وحبها ليوسف عن الناس، وأفشت ذلك لنسوة في المدينة، على أن يستكتمن عن الناس، فأفشين عليها ذلك؛ فذلك المكر الذي سمعت، والله أعلم.
إلى هذا ذهب بعض أهل التأويل.
وأمكن أن تكون المرأة لم تفش سرها إليهن، لكن بعض خدمها التي اطلعت على ذلك هي التي أفشت إليهن، فأفشين هن ذلك، فلما سمعت ذلك منهن أرسلت إليهن: إما تنويشا ودعاء للضيافة، وإما استزارة يزرنها، وأما قول أهل التأويل: إن النسوة كانت امرأة الخباز والساقي؛ ولا أدري من ماذا، فذلك لا نعلمه، وليس لنا إلى معرفة ذلك حاجة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) قال الحسن: متكأ: طعامًا وشرابًا وتكأة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الأترج والترنج.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: متكأ: وسائد وما يتكأ عليه.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: متكأً: ممدودًا؛ يعني: هيئات المجلس وما يتكأ عليه.

ومن قرأ: (مُتَّكَا) مقصورًا، وهو الأترنج وطعام؛ على ما قال الحسن.
وكذلك قَالَ الْقُتَبِيُّ؛ قال: ويقال: البزماورد.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا).
أي: أعطت كل واحدة منهن سكينًا؛ ظاهر.
(وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ).
هاهنا كلام أن كيف أطاع يوسف بالخروج على النساء بقولها إياه: (اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ) فذلك مما لا يحل، لكنه يخرج على وجوه:
أحدها: أنه إنما يكره الدخول عليهن، والخلوة بهن، وأما الخروج عليهن فهو ليس بمكروه؛ إذ فيه الخروج منهن؛ لأنه إذا خرج عليهن كان يقدر أن يخرج منهن؛ فكأنه لما أذنت له بالخروج عليهن خرج رغبة أن يخرج من عندهن؛ إذ لم يكن ليقدر، أن يخرج من البيت عليهن بغير إذن منها؛ فالأمر بالخروج عليهن أفاد له إذنًا بالخروج من البيت؛ إذ لا سبيل له إلى الخروج منه بلا إذن له منها، فخرج عليهن ثمت من عندهن إلى غيره من المكان، وذلك مما لا يكره إذا كان مما لا سبيل إلى ما سواه.
ويشبه أن يكون منها الأمر بالخروج حسب إذا خرج ولم تقل عليهن، ولم يعلم يوسف أنها إنما تأمره بالخروج على النساء فخرج، لكن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أخبر عن مقصودها، وكان مقصودها من الأمر بالخروج خروجًا عليهن، فأخبر عن مقصودها بقوله: