الله بالصدق فينجيكم من العذاب ببركته انتهى وذلك لان الواحد على الحق كالسواد الأعظم وكالاكسير قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ من حاجة اى لا رغبة لنا فيهن فلا ننكحهن ومقصودهم ان نكاح الإناث ليس من عادتنا ومذهبنا ولذا قالوا علمت فان لوطا كان يعلم ذلك ولا يعلم عدم رغبتهم فى بناته بخصوصهن ويؤيده قوله وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ وهو إتيان الذكور وهو فى الحقيقة طلب ما أعد الله لهم فى الأزل من قهره يعنى الهلاك بالعذاب ولما يئس من ارعوائهم عما هم عليه من الغى قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً لو للتمنى وهو الأنسب بمثل هذا المقام فلا يحتاج الى الجواب وبكم حال من قوة اى بطشا والمعنى بالفارسية [كاشكى مرا باشد بدفع شما قوتى] أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ عطف على ان لى بكم لما فيه من معنى الفعل والركن بسكون الكاف وضمها الناحية من الجبل وغيره اى لو قويت على دفعكم ومقاومتكم بنفسي او التجأت الى ناصر عزيز قوى استند اليه واتمنع به فيحمينى منكم شبه بركن الجبل فى الشدة والمنعة وقال الكاشفى [يا پناه كيرم وباز كردم بركنئ سخت يعنى عشيره وقبيله كه بديشان منع شما توانم كرد] وكان لوط رجلا غريبا فيهم ليس له عشيرة وقبيلة يلتجئ إليهم فى الأمور الملمة والغريب لا يعينه أحد غالبا فى اكثر البلدان خصوصا فى هذا الزمان: قال الحافظ
تيمار غريبان سبب ذكر جميلست
جانا مكر اين قاعده در شهر شما نيست
وانما تمنى القوة لان الله تعالى خلق الإنسان من ضعف كما قال خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ والعارف ينظر الى هذا الضعف ذوقا وحالا ولذا قيل ان العارف التام المعرفة فى غاية العجز والضعف عن التأثير والتصرف لانقهاره تحت الوحدة الجمعية وقد قال تعالى فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا والوكيل هو المتصرف فان الهم التصرف بجزم تصرف وان منع امتنع وان خير اختار ترك التصرف الا ان يكون ناقص المعرفة: وفى المثنوى
ما كه باشيم اى تو ما را جان جان
تا كه ما باشيم با تو در ميان
دست نى تا دست جنباند بدفع
نطق نى تا دم زند از ضر ونفع
پيش قدرت خلق جمله باركه
عاجزان چون پيش سوزن كاركه
وفى الحديث (رحم الله أخي لوطا كان يأوى الى ركن شديد) وهو نصر الله ومعونته واختلف فى معناه فقال الكاشفى يعنى [بخداى پناه كرفت وخدا او را يارى داد كه ملجأ درماندكان جز درگاه او نيست]
آستانش كه قبله همه است
در پناهش ز ماهى تا بمه است
هر كه دل در حمايتش بستست
از غم هر دو كون وارستست
وقال ابن الشيخ اى كان يريد او يتمنى ان يأوى الى ركن شديد وفى قوله (رحم الله) اشارة الى ان هذا الكلام من لوط ليس مما ينبغى من حيث انه يدل على قنوط كلى ويأس شديد من ان يكون له ناصر ينصره والحال انه لا ركن أشد من الركن الذي كان يأوى اليه أليس الله بكاف عبده انتهى وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما بعث الله نبيا بعد لوط الا فى عز من قومه يعنى استجيب دعوته
صفحة رقم 168
ضرورة وكان ﷺ يحميه قبيلته كأبى طالب فانه كان يتعصب للنبى ويذب عنه دائما وانما اضطر الى الهجرة بعد وفاته- روى- ان لوطا اغلق بابه دون أضيافه حين جاؤا وأخذ يحاولهم من وراء الباب فتسوروا الجدار فلما رأت الملائكة ما بلوط من الكرب قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بضرر ولا مكروه ولن يخزوك فينا وان ركنك شديد فافتح الباب ودعنا وإياهم ففتح الباب فدخلوا فاستأذن جبرائيل ربه تعالى فى عقوبتهم فاذن له فقام فى الصورة التي يكون فيها فنشر جناحه وله جناحان وعليه وشاح من در منظوم وهو براق الثنايا فضرب بجناحه وجوههم فطمس أعينهم وأعماهم كما قال تعالى فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فصاروا لا يعرفون الطريق فخرجوا وهم يقولون النجاء النجاء فان فى بيت لوط سحرة وهددوا لوطا وقالوا مكانك حتى نصبح فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ الاسراء بالفارسية [رفتن بشب] وهو لازم ومتعد وكذا السرى فان معناه [رفتن بشب] والمصدر على فعل خص به المعتل كما فى التهذيب والمعنى كما قال الكاشفى [ببركسان خود را] بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ القطع فى آخر الليل وقال ابن عباس بطائفة من الليل والمعنى [بپاره از شب يعنى بعد از كذشتن برخى از شب] فالباء فى باهلك للتعدية ويجوز ان تكون للحال اى مصاحبابهم وفى قوله بقطع للحال اى مصاحبين بقطع على ان المراد به ظلمة الليل وقيل الباء فيه بمعنى فى اى اخرجوا ليلا لتستبقوا نزول العذاب الذي موعده الصبح وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ منك ومن أهلك اى لا يتخلف ولا ينصرف عن امتثال المأمور به او لا ينظر الى ورائه فالظاهر على هذا انه كان لهم فى البلد اموال وأقمشة وأصدقاء فالملائكة امروهم بان يخرجوا ويتركوا تلك الأشياء ويقطعوا تعلق قلوبهم كما قال فى التأويلات النجمية وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ الى ما هم فيه من الدنيا وزينتها ومتاعها أراد به تجرد الباطن عن الدنيا وما فيها فان النجاة من العذاب والهلاك منوط به انتهى وفى الحديث (اللهم امض لاصحابى هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم) اى انفذها وتممهالهم ولا تمسهم فى بلدة هاجروا منها لئلا ينتقض الثواب بالركون الى الوطن قال ابو الليث فى تفسيره جمع لوط اهله وابنتيه ريثا ورعورا فحمل جبريل لوطا وبناته وماله على جناحه الى مدينة زغر وهى احدى مدائن لوط وهى خمس مدائن وهى على اربع فراسخ من سدوم ولم يكونوا على مثل عملهم انتهى ويخالفه الأمر بالاسراء كما لا يخفى وقال فى بحر العلوم وانما نهوا عن الالتفات لئلا يروا ما ينزل بقومهم من العذاب فيرقوا لهم ويجوز ان يكون النهى عن الالتفات كناية عن مواصلة السير وترك التوقف لان من يلتفت الى ما وراءه لا بدله من ادنى وقفة إِلَّا امْرَأَتَكَ استثناء من قوله تعالى فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ إِنَّهُ اى الشان مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ من العذاب
با بدان يار كشت همسر لوط... خاندان نبوتش كم شد
يعنى وقعت اهل بيت نبوته فى الضلالة فهلكت والمراد امرأته فانها مع تشرفها بالاضافة الى بيت النبوة لما اتصلت باهل الضلالة صارت ضالة وادّى ضلالها وكفرها الى الهلاك معهم ففيه تنبيه على ان لصحبة الأغيار ضررا عظيما إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ اى موعد عذابهم وهلاكهم وهو تعليل للامر بالاسراء والنهى عن الالتفات المشعر بالحث على الاسراع كما فى الإرشاد- وروى-