آيات من القرآن الكريم

وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ

والمرضى، ومن لا يقدر على الخروج وهم القاعدون.
﴿رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الخوالف﴾.
أي: مع النساء اللواتي لا فرض عليهن في الجهاد، جمع خَالِفة.
﴿وَطُبِعَ على قُلُوبِهِمْ﴾.
أي: ختم.
وقد يقال للرجل: " خالفة " إذا كان غير نجيب.
وقد يجمع " فاعل " صفةً على " فواعل " في الشعر، قالوا: " فَارِسٌ " و " فَوَارِس " و " هَالِكٌ " و " هوالك ".
وأصل " فواعل " أن يكون جمع: " فاعلة ".
قوله: ﴿لكن الرسول والذين آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ﴾، إلى قوله: ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.

صفحة رقم 3092

المعنى: هؤلاء لهم خيرات الآخرة ونعيمها.
وواحد ﴿الخيرات﴾، " خَيْرَةٌ " مخففة، و " خيرات " كل شيء، أفضله.
﴿وأولئك هُمُ المفلحون﴾.
أي: الباقون في النعيم، المخلدون فيه.
وأصل " الفلاح ": البقاء في الخير، وقولهم: " حَيَّ على الفَلاَحِ " أي: تعالوا إلى الفوز، يقال: " أفْلَحَ الرَّجُلُ "، إذا فاز وأصاب خيراً.
﴿أَعَدَّ الله لَهُمْ جَنَّاتٍ﴾.
أي: بساتين.
﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا﴾.
أي: لابثين فيها أبداً.
﴿ذلك الفوز العظيم﴾.
أي: النجاء العظيم، والحظ الجزيل.

صفحة رقم 3093

ثم قال تعالى: ﴿وَجَآءَ المعذرون مِنَ الأعراب لِيُؤْذَنَ لَهُمْ﴾.
والمعنى: ﴿وَجَآءَ المعذرون مِنَ الأعراب لِيُؤْذَنَ لَهُمْ﴾، في التخلف، ﴿وَقَعَدَ﴾ عن الإتيان إلى رسول الله ﷺ، فيعتذروا أو يجاهدوا، و ﴿الذين كَذَبُواْ الله وَرَسُولَهُ﴾، واعتذروا بالباطل بينهم، لا عند رسول الله عليه السلام.
﴿سَيُصِيبُ الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ﴾.
أي: جحدوا توحيد الله ونبوة نبيه عليه السلام.
﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
أي: مؤلم، أي: موجع.
وقوله: ﴿المعذرون﴾، ليس من " عذَّر "، يقال: " عَذَّرَ الرَّجُلُ في الأمْرِ " إذا لم يبالغ فيه، ولم يُحكمه، ولم تكن هذه صفة هؤلاء، بل كانوا أهل اجتهاد في طلب ما ينهضهم مع النبي ﷺ فوَصْفُهم بأنُّهم قد اعتَذَروا أو أعْذَروا، أولى من وصفهم بأنهم قد عَذَّروا فإنما هم المُعْتَذِرون، ثم أدغم.

صفحة رقم 3094

وقد قرأ ابن عباس: " المُعْذِرُونَ " من: " أعذر ".
ويجوز: " المُعذِّرُون " بضم العين لالتقاء الساكنين، (يتبع الضم الضم. ويجوز: " المُعِذِّرُون " بكسر العين لالتقاء الساكنين).
وقد قيل: إنّ " المُعَذِّرَ " من " عذَّر " إذا قَصر في الأمر فيهم مذمومون على هذا المعنى.

صفحة رقم 3095

وعلى المعنى الآخر إذا حملته على معنى " المُعْتَذِرينَ " غير مذمومين، إذا أتوا بعذر واضح.
ويجوز أن يكونوا مذمومين إذا أتوا بعذر غير واضح، يقال " اعْتَذَرَ الرَّجُلُ ": إذا أتى بعذر واضح، و " اعْتَذَرَ ": إذا لم يأت بعذر، قال تعالى: ﴿يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ﴾، فهؤلاء اعتذروا بالباطل، فهم الذين يعتذرون ولا عذر لهم.
ومنع المبرد أن يكون أصله: " المُعْتَذِرِين " ثم أدغم لأنه يقع اللبس.
وذكر إسماعيل القاضي: أنَّ سياق الكلام يدل على أنَّه لا عذر لهم وأنهم مذمومون، لأنهم جاء/ وا ﴿لِيُؤْذَنَ لَهُمْ﴾، ولو كانوا من الضعفاء والمرضى، والذين

صفحة رقم 3096

لا يجدون ما ينفقون لم يحتاجوا إلى أن يستأذنوا.
وقول العرب: " مَنْ عَذِيرِي مِنْ فُلاَنٍ "، معناه: قد أتى فلانٌ أمراً عظيماً يستحق عليه العقوبة، ولم يعلم الناس به، فمن يَعْذِرُني إن عاقَبْتُه.
قال مجاهد: هم نفر من بني غِفار، جاءوا فاعتذروا، فلم يعذرهم الله تعالى.
وكذلك قال قتادة.
فهذا يدل على أنهم كانوا أهل اعتذار بالباطل لا بالحق، فلا يوصفون بالإعْذَارِ.
وقرأ ابن عباس: " المُعْذِرُون " بإسكان العين، وكان يقول: لعن الله المعتذرين، يذهب إلى أن " المعتذرين " بإسكان العين، ليس لهم عذر صحيح.
و ﴿المعذرون﴾ بالتشديد: المفرطون المقصرون ولا عذر لهم.

صفحة رقم 3097
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية