آيات من القرآن الكريم

وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ

قوله تعالى: وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ. سبق تفسيره. قوله تعالى: وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ هذا عامّ في كل سورة. وقال مقاتل: المراد بها سورة (براءة). قوله تعالى: أَنْ آمِنُوا أي: بأن آمنوا. وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: استديموا الإيمان. والثاني: افعلوا فعل من آمن. والثالث: آمنوا بقلوبكم كما آمنتم بألسنتكم، فعلى هذا يكون الخطاب للمنافقين.
قوله تعالى: اسْتَأْذَنَكَ أي: في التّخلّف. أُولُوا الطَّوْلِ يعني الغنى، وهم الذين لا عذر لهم في التخلُّف. وفي «الخوالف» قولان: أحدهما: أنهم النساء، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وشمر بن عطية، وابن زيد، والفراء. وقال أبو عبيدة: يجوز أن تكون الخوالف ها هنا النساء، ولا يكادون يجمعون الرجال على تقدير فواعل، غير أنهم قد قالوا: فارس، والجميع: فوارس، وهالك هوالك. قال ابن الأنباري: الخوالف لا يقع إلا على النساء، إذ العرب تجمع فاعلة: فواعل فيقولون:
ضاربة، وضوارب، وشاتمة، وشواتم ولا يجمعون فاعلاً: فواعل، إلا في حرفين: فوارس، وهوالك فيجوز أن يكون مع الخوالف: المتخلفات في المنازل. ويجوز أن يكون: مع المخالفات العاصيات. ويجوز أن يكون: مع النساء العجزة اللاتي لا مدافعة عندهن. والقول الثاني: أن الخوالف:
خساس الناس وأدنياؤهم يقال: فلان خالفة أهله: إذا كان دونهم، ذكره ابن قتيبة. فأما «طَبَع»، فقال أبو عبيدة: معناه: ختم. و «الخيرات» جمع خَيْرة. وللمفسرين في المراد بالخيرات ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها الفاضلات من كل شيء، قاله أبو عبيدة. والثاني: الجواري الفاضلات، قاله المبرِّد.
والثالث: غنائم الدنيا ومنافع الجهاد، ذكره الماوردي.
[سورة التوبة (٩) : آية ٩٠]
وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٠)
قوله تعالى: وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ وقرأ ابن مسعود: «المعتذرون». وقرأ ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابن يعمر، ويعقوب «المُعْذِرون» بسكون العين وتخفيف الذال. وقرأ ابن السميفع «المعاذرون» بألف. قال أبو عبيدة: المعذِّرون من يعذِّر وليس بجادّ وإنما يعرِّض بما لا يفعله أو يُظهر غير ما في نفسه. وقال ابن قتيبة: يقال: عذَّرتُ في الأمر: إذا قصَّرتَ، وأعذرتُ: جَدَدْتَ. وقال الزجاج: من قرأ «المعذِّرون» بتشديد الذال، فتأويله: المعتذرون الذين يعتذرون، كان لهم عذر، أو لم يكن، وهو ها هنا أشبه بأن يكون لهم عذر، وأنشدوا:

إلى الحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلاَمِ عَليْكُما وَمَنْ يَبْكِ حولا كاملا فقد اعتذر «١»
أي: فقد جاء بعذر، ويجوز أن يكون «المعذِّرون» الذين يعذِّرون، يوهمون أنّ لهم عذرا، ولا
(١) البيت للبيد، ديوانه ٢١٤. وقوله اعتذر هنا، بمعنى: أعذر أي: بلغ أقصى الغاية في العذر.

صفحة رقم 287
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية