آيات من القرآن الكريم

وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ ﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ

والوجود وإعطاء الكتاب (والأولون يوم القيامة) اى بالفضل ودخول الجنة وفصل القضاء فتدخل هذه الامة الجنة قبل سائر الأمم انتهى فالسبق اما بالقدم واما بالهمم والثاني هو المرجح المقدم- يحكى- عن ابى القاسم الجنيد قدس سره قال كنت ابكر الجامع فاسمع قد سبقت يا أبا القاسم فاقدم الوقت فى الجمعة الثانية فاسمع قد سبقت يا أبا القاسم فلم ازل كذلك حتى اصل الصبح فى الجامع فسمعت قد سبقت يا أبا القاسم فسألت الله ان يعرفنى من يسبقنى مع بكورى فهتف بي هاتف من زاوية المحراب الذي سبقك هو الذي يخرج آخر الناس فصليت الجمعة ثم جلست الى العصر فصليت جماعة ثم جلست الى ان خرج الناس وفى آخرهم شيخ همّ اى كبير فتعلقت به فقلت له يا شيخ متى تحضر الجماعة قال وقت الزوال قلت فبأى شىء تسبقنى فقد دللت عليك فقال يا أبا القاسم انا إذا خرجت من الجامع نويت ان بقيت الى يوم مثله حضرت الجامع قال فعرفت ان السبق بالهمم لا بالقدم: قال فى المثنوى

أول فكر آخر آمد در عمل خاصه فكرى كو بود وصف ازل
دل بكعبه ميرود در هر زمان جسم طبعى دل بگيرد ز امتنان
اين دراز وكوتهى مر جسم راست چهـ دراز وكوته آنجا كه خداست
چون خدا مر جسم را تبديل كرد رفتنش بي فرسخ وبي ميل كرد
وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ خبر مقدم لقوله منافقون اى حول بلدتكم يعنى المدينة مِنَ الْأَعْرابِ من اهل البوادي وقد سبق الفرق بينه وبين العرب مُنافِقُونَ وهم جهينة ومزينة واسلم وأشجع وغفار كانوا نازلين حولها وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قوم مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ [خو كرده اند واقامت نموده بر نفاق يا در منافقى ماهر شده اند] والمرود على الشيء التمرن عليه والمهارة فيه باعتياده والمدينة إذا أطلقت أريد بها دار الهجرة التي فيها بيت رسول الله ﷺ ومنبره وقبره من مدن بالمكان إذا اقام به فتكون الميم اصلية. والجمع مدن بضم الدال وإسكانها ومدائن بالهمزة او من دان إذا أطاع والدين الطاعة فتكون الميم زائدة والجمع مداين بلا همز كمعايش بالياء. ولها اسماء كثيرة منها طابة وطيبة بفتح الطاء وسكون الياء لخلوها من الشرك او لطيبها بساكنيها لامنهم ودعتهم او لطيب عيشها فيها او لكونها طاهرة التربة او من النفاق وفى الحديث (تنفى الناس) اى شرارهم (كما ينفى الكير خبث الحديد) وفى الحديث (ان الايمان لبأرز الى المدينة كما تأرز الحية الى جحرها تدخل بلا عوج) والمراد بالمدينة جميع الشام فانها من الشام خص المدينة بالذكر لشرفها فعلى هذا تكون المدينة شامية كما ذهب اليه ابن ملك قال النووي ليست شامية ولا يمانية بل هى حجازية وقال الشافعي مكة والمدينة يمانيتان لا تَعْلَمُهُمْ بيان لقوله مردوا على النفاق اى بلغوا من المهارة فى النفاق الى حيث خفى نفاقهم عليك مع كمال فطنتك وقوة فراستك فالمراد لا تعرف حالهم ونفاقهم نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ منافقين ونطلع على أسرارهم ان قدروا ان يلبسوا عليك لم يقدروا ان يلبسوا علينا سَنُعَذِّبُهُمْ السين للتأكيد مَرَّتَيْنِ- روى- انه عليه السلام قام خطيبا يوم الجمعة فقال (اخرج يا فلان فانك منافق اخرج يا فلان فانك منافق)

صفحة رقم 493

كل مذنب رجع الى التزام الطاعة وفى التأويلات النجمية هو التواب هو الموفق للتوبة بلطفه وكرمه ولولا توفيقه ما تاب مذنب قط كما لا يتوب إبليس لعدم التوفيق: وفى المثنوى جز عنايت كه كشايد چشم را جز محبت كه نشاند خشم را جهد بي توفيق خود كس را مباد در جهان والله اعلم بالرشاد الرَّحِيمُ من مات على التوبة ورحمة الله على العباد ارادة الانعام عليهم ومنع الضرر عنهم. ويجوز ان يرجع ضمير أَلَمْ يَعْلَمُوا الى غير التائبين من المؤمنين فالآية إذا ترغيب للعصاة فى التوبة والصدقة وَقُلِ لهم بعد ما بان لهم شأن التوبة اعْمَلُوا ما شئتم من الأعمال فظاهره ترخيص وتخيير وباطنه ترغيب وترهيب فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ فانه لا يخفى عليه خيرا كان او شرا تعليل لما قبله وتأكيد للترغيب والترهيب والسين للتأكيد وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ فى الخبر (لو ان رجلا عمل فى صخرة لا باب لها ولا كوة لخرج عمله الى الناس كائنا ما كان) والمعنى انه تعالى لا يخفى عليه عملهم كما رأيتم وتبين لكم ثم ان كان المراد بالرؤية معناها الحقيقي فالامر ظاهر وان أريد بها مآلها من الجزاء خيرا او شرا فهو خاص بالدنيوى من اظهار المدح والثناء والذكر الجميل والإعزاز ونحو ذلك من الاجزية وأضدادها وَسَتُرَدُّونَ اى بعد الموت إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ قدم الغيب على الشهادة لسعة عالمه وزيادة خطره وعن ابن عباس رضى الله عنهما الغيب ما يسترونه من الأعمال والشهادة ما يظهرونه كقوله تعالى يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ فالتقديم حينئذ لتحقيق ان نسبة علمه المحيط بالسر والعلن واحدة على ابلغ وجه وآكده لا إيهام ان علمه تعالى بما يسرون اقدم منه بما يعلنون كيف لا وعلمه سبحانه بمعلوماته منزه عن ان يكون بطريق حصول الصورة بل وجود كل شىء وتحققه فى نفسه علم بالنسبة اليه تعالى وفى هذا المعنى لا يختلف الحال بين الأمور البارزة والكامنة قال فى التأويلات النجمية وَسَتُرَدُّونَ باقدام أعمالكم الى الله الذي هو عالم بما غاب عنكم وغبتم عنه فاما ما غاب فهو نتائج أعمالكم من الخير والشر وجزاؤها فانها ان لم تغب عنكم زدتم فى الخير وما عملتم شرا واما ما غبتم عنه فهو التقدير الأزلي والحكمة فيما جرى به القلم من اعمال الخير والشر وعالم بما تشاهده العيون والقلوب فى الملك والملكوت فَيُنَبِّئُكُمْ عقيب الرد الذي هو عبارة عن الأمر الممتد الى يوم القيامة بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ قبل ذلك فى الدنيا والمراد بالتنبئة الإظهار لما بينهما من الملابسة فى انهما سببان للعلم تنبيها على انهم كانوا جاهلين بحال ما ارتكبوه غافلين عن سوء عاقبته اى يظهر لهم على رؤس الاشهاد ويعلمهم اى شىء شنيع كانوا يعملونه فى الدنيا على الاستمرار ويرتب عليه ما يليق به من الجزاء انتهى فعلى العاقل ان يسعى فى طريق الأعمال الصالحة ويجتنب عن ارتكاب الافعال الفاضحة كيلا يفتضح عند الله وعند الرسول وكافة المؤمنين قال فى التأويلات النجمية ان لعمل المحسن وخلوصه نورا يصعد الى السموات بقدر قوة صدقه وإخلاصه فالله تعالى يراه بنور ألوهيته وروح الرسول عليه السلام يراه بنور نبوته وأرواح المؤمنين يرونه بنور ايمانهم فاستعلاء ذلك بصفائه وضوئه يكون على قدر علو همة المحسن وخلوص نيته وصفاء طويته. وان لعمل المسيء ظلمة تصعد الى السموات بقدر

صفحة رقم 501
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية