آيات من القرآن الكريم

۞ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ
ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ

قوله تعالى: وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ فيه أربعة أقوال: أحدها: إذا حضرت الصلاة وأنتم عند مسجد، فصلُّوا فيه، ولا يقولنَّ أحدكم: أُصلي في مسجدي، قاله ابن عباس، والضحاك، واختاره ابن قتيبة. والثاني: توجهوا حيث كنتم في الصلاة إلى الكعبة، قاله مجاهد، والسّدّيّ، وابن زيد. الثالث: اجعلوا سجودكم خالصاً لله تعالى دون غيره، قاله الربيع بن أنس. والرابع: اقصدوا المسجد في وقت كل صلاة، أمراً بالجماعة لها، ذكره الماوردي. وفي قوله: وَادْعُوهُ قولان:
أحدهما: أنه العبادة. والثاني: الدّعاء. وفي قوله تعالى: مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ قولان: أحدهما:
مُفْردين له العبادة. والثاني: موحِّدين غير مشركين. وفي قوله: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ثلاثة أقوال:
أحدها: كما بدأكم سعداء وأشقياء، كذلك تبعثون، روى هذا المعنى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والقرظي، والسدي، ومقاتل، والفراء. والثاني: كما خُلقتم بقدرته كذلك يعيدكم، روى هذا المعنى العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن وابن زيد والزجاج، وقال: هذا الكلام متصل بقوله: فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ «١». والثالث: كما بدأكم لا تملكون شيئا، كذلك تعودون، ذكره الماوردي.
[سورة الأعراف (٧) : آية ٣٠]
فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٠)
قوله تعالى: فَرِيقاً هَدى قال الفراء: نصب الفريق ب «تعودون». وقال ابن الانباري: نصب «فريقا» «وفريقا» على الحال من الضمير الذي في «تعودون»، يريد: تعودون كما ابتدأ خلقكم مختلفين، بعضكم سعداء، وبعضكم أشقياء.
قوله تعالى: حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ أي: بالكلمة القديمة، والإرادة السّابقة.
[سورة الأعراف (٧) : آية ٣١]
يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١)
قوله تعالى: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ.
(٥٧٤) سبب نزولها: أن ناساً من الأعراب كانوا يطوفون بالبيت عراةً، الرجال بالنهار، والنساء بالليل، وكانت المرأة تعلِّق على فرجها سيوراً، وتقول:

موقوف. أخرجه مسلم ٣٠٢٨ والنسائي في «التفسير» ٢٠٢ و «المجتبى» ٢٩٥٦ والطبري ١٤٥٠٩ و ١٤٥١٠ و ١٤٥١٢ من طرق عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن مسلم بن عمران عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به.
قلت: ولهذا الخبر ثلاث علل: الأولى: الإرسال، فقد أخرجه الطبري ١٤٥٢٧ من طريق سويد وأبي أسامة عن حماد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبير مرسلا، ليس فيه ذكر ابن عباس، وهذا الإسناد أصح، أيوب هو السختياني أثبت وأحفظ من مسلم البطين، ثم ذكر المرأة لا يصح لأنه يعم كل امرأة تطوف عريانة، وتقول هذا الشعر، وهذا باطل، هناك من النساء من يأبى ذلك، وهناك نساء أخر، لا يعرفن هذا الشعر، فهذه علة ثانية. والصواب ما في مرسل سعيد بن جبير كانوا يطوفون بالبيت عراة فطافت امرأة بالبيت وهي عريانة
__________
(١) سورة الأعراف: ٢٥.

صفحة رقم 112

اليومَ يَبْدُو بَعْضُهُ أو كُلُّهُ وَمَا بَدا مِنْهُ فَلا أُحِلُّهُ
فنزلت هذه الآية قاله ابن عباس.
(٥٧٥) وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: كانوا إذا حجوا، فأفاضوا من منى، لا يصلح لأحد منهم في دينه الذي اشترعوا أن يطوف في ثوبيه، فيلقيهما حتى يقضي طوافه، فنزلت هذه الآية.
(٥٧٦) وقال الزهري: كانت العرب تطوف بالبيت عراةً، إلا الحمس «١» قريشٌ وأحلافها، فمن جاء من غيرهم، وضع ثيابه وطاف في ثوبي أحمس، فان لم يجد من يُعيره من الحمس، ألقى ثيابه وطاف عرياناً، فان طاف في ثياب نفسه، جعلها حراماً عليه إذا قضى الطواف، فلذلك جاءت هذه الآية.
وفي هذه الزينة قولان: أحدهما: الثياب. ثم فيه ثلاثة أقوال «٢» : أحدها: أنه ورد في ستر العورة في الطواف، قاله ابن عباس، والحسن في جماعة. والثاني: أنه ورد في ستر العورة في الصلاة، قاله
فقالت..» فهذا هو الصواب، أن امرأة واحدة هي التي قالت هذا الشعر. العلة الثالثة: قوله «فتقول من يعيرني تطوافا، تجعله على فرجها» وهذا غريب، وباقي الروايات عن ابن عباس وعطاء وإبراهيم وغيرهم لا تذكر ذلك، وإنما فيها: وكانوا يطوفون بالبيت عراة، فنهوا عن ذلك، ولا يعني من لفظ «عراة» أنها ليس على فرجها شيء. ويؤيد ذلك ما في الطبري ١٤٥١٢ عن وهب بن جرير حيث قال في روايته «كانت المرأة تطوف بالبيت، وقد أخرجت صدرها وما هنالك، وإن ثبت أنهن عراة ليس عليهن شيء فهو محمول على إحدى روايات الطبري، وهي برقم ١٤٥١٠ عن ابن عباس: كانوا يطوفون عراة، الرجال بالنهار، والنساء بالليل، فتنبه، والله أعلم. انظر «أحكام القرآن» ٨٩١ بتخريجنا.
مرسل. أخرجه الواحدي في «أسباب النزول» ٤٥٣ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن مرسلا.
مرسل، أخرجه الطبري ١٤٥٣٠ عن الزهري مرسلا. وأخرجه البخاري ١٦٦٥ ومسلم ١٢١٩/ ١٥٢ من حديث عروة. ولفظه عند البخاري: كان الناس يطوفون في الجاهلية عراة إلا الحمس والحمس قريش وما ولدت وكان الحمس يحتسبون على الناس، يعطي الرجل الرجل الثياب يطوف فيها وتعطي المرأة المرأة الثياب تطوف فيها فمن لم يعطه الحمس طاف بالبيت عريانا. وكان يفيض جماعة الناس من عرفات وتفيض الحمس من جمع.
__________
(١) الحمس: قريش، لأنهم كانوا يتشددون في دينهم. وقيل: قريش ومن ولدت قريش وكنانة وجديلة قيس وهم فهم وعدوان ابنا عمرو بن قيس عيلان وبنو عامر بن صعصعة. وكانت الحمس سكان الحرم وكانوا لا يخرجون أيام الموسم إلى عرفات وإنما يقفون بالمزدلفة ويقولون: نحن أهل الله ولا نخرج من الحرم.
وصارت بنو عامر من الحمس وليسوا من ساكني الحرم لأن أمهم قرشية «اللسان» حمس. [.....]
(٢) قال الإمام القرطبي رحمه الله في «تفسيره» ٧/ ١٩٠: دلت الآية على وجوب ستر العورة، وذهب جمهور أهل العلم إلى أنها فرض من فروض الصلاة، وعلى الإنسان أن يسترها عن أعين الناس في الصلاة وغيرها، وهو الصحيح لقول النبي صلّى الله عليه وسلم للمسور بن مخرمة: «ارجع إلى ثوبك فخذه ولا تمشوا عراة» أخرجه مسلم. وذهب إسماعيل القاضي إلى أن سترها في الصلاة سنة واحتج بأنه لو كان فرضا في الصلاة لكان العريان لا يجوز له أن يصلي. وليس كذلك. قال ابن العربي: وإذا قلنا إن ستر العورة فرض في الصلاة فسقط ثوب إمام فانكشف دبره، وهو راكع، فرفع رأسه فغطاه أجزأه، قاله ابن القاسم. وقال سحنون: وكل من نظر إليه من المأمومين أعاد. وروي عن سحنون: أنه يعيد ويعيدون، لأن ستر العورة شرط من شروط الصلاة، فإذا ظهرت بطلت الصلاة اه ملخصا. وانظر «المدونة» ١/ ٩٤- ٩٥ و «مقدمات ابن رشد» ١/ ١١٠.

صفحة رقم 113
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية