آيات من القرآن الكريم

وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ
ﯰﯱﯲﯳﯴ

١٤٣٩٥- حدثني أحمد بن يوسف قال، حدثني القاسم بن سلام قال، حدثنا حجاج، عن هارون قال، حدثنا يعلى بن حكيم، عن يحيى بن أبي كثير أنه قرأها:"مَلِكَيْنِ"، بكسر"اللام".
* * *
وكأنَّ ابن عباس ويحيى وجَّها تأويل الكلام إلى أن الشيطان قال لهما: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين من الملوك = وأنهما تأوّلا في ذلك قول الله في موضع آخر: (قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى)، [سورة طه: ١٢٠].
* * *
قال أبو جعفر: والقراءة التي لا أستجيز القراءة في ذلك بغيرها، القراءةُ التي عليها قرأة الأمصار وهي، فتح"اللام" من: "مَلَكَيْنِ"، بمعنى: ملكين، من الملائكة، لما قد تقدم من بياننا في أن كل ما كان مستفيضًا في قرأة الإسلام من القراءة، فهو الصواب الذي لا يجوزُ خلافه.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (وقاسمهما)، وحلف لهما، كما قال في موضع آخر: (تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ)، [سورة النمل: ٤٩]، بمعنى تحالفوا بالله، وكما قال خالد بن زهير [ابن] عمّ أبي ذويب: (١)

(١) جاء في المطبوعة والمخطوطة ((خالد بن زهير عم أبي ذؤيب))، ولم أجد هذا القول لأحد، بل الذي قالوه أن ((خالد بن زهير الهذلي))، هو ابن أخت أبي ذؤيب، أو ابن أخيه، أو: ابن عم أبي ذؤيب. فالظاهر أن صواب الجملة هو ما أثبت. انظر خزانة الأدب ٢: ٣٢٠، ٣٢١ /٣: ٥٩٧، ٥٩٨، ٦٤٧، ٦٤٨.

صفحة رقم 349

وَقَاسَمَهَا بِاللهِ جَهْدًا لأَنْتُمُ ألَذُّ مِنَ السَّلْوَى إِذَا مَا نَشُورُهَا (١)
بمعنى: وحالفهما بالله، وكما قال أعشى بني ثعلبة:
رَضِيعَيْ لِبَانٍ، ثَدْيَ أُمٍّ تَقَاسَمَا بِأَسْحَمَ دَاجٍ عَوْضُ لا نَتَفَرَّقُ (٢)
بمعنى تحالفا.
* * *
(١) ديوان الهذلين ١: ١٥٨، من قصائده التي تقارضها هو وأبو ذؤيب في المرأة التي كانت ضصديقة عبد عمرو بن مالك، فكان أبو ذؤيب رسوله إليها، فلما كبر عبد عمرو احتال لها أبو ذؤيب فأخذها منه وخادنها. وغاضبها أبو ذؤيب، فكان رسوله إلى هذه المرأة ابن عمه خالد بن زهير، ففعل به ما فعل هو بعبد عمرو بن مالك، أخذ منه المرأة فخادنه، فغاضبه أبو ذؤيب وغاضبها، وقال لها حين جاءت تعتذر إليه:ثم قال لخالد:فأجابه خالد من أبيات: وَقَاسَمَهَا بالله.....................................
تُرِيدينَ كَيْمَا تَجْمَعِينِي وَخَالِدًا! وَهَلْ يُجْمَعُ السَّيْفَان وَيْحَكِ فِي غِمْدِ!
أَخَالِدُ، مَا رَاعَيْتَ من ذِي قَرَابَةٍ فَتَحْفَظَنِي بِالْغَيْبِ، أوْ بَعْضَ مَا تُبْدِي
دَعَاكَ إلَيْهَا مُقْلَتَاها وَجِيدُهَا فَمِلْتَ كَمَا مَالَ المُحِبُّ عَلَى عَمْدِ
رَعَي خَالِدٌ سِرِّي، لَيَالِيَ نَفْسُهُ تَوَالَى على قَصْدِ السَّبِيلِ أُمُورُهَا
فَلَمَّا تَرَامَاهُ الشَّبَابُ وَغَيُّهُ، وَفي النَّفْسِ مِنْهُ فِتْنَةٌ وَفُجُورُهَا
لَوَى رَأْسَهُ عَنِّي، ومَالَ بِوُدِّه أَغَانِيجُ خَوْدٍ كَانَ قِدْمًا يَزُورُهَا
فَلا تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أَنْتَ سِرْتَها وَأَوَّلُ رَاضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيرُهَا
فَإنَّ الَّتِي فِينَا زَعَمْتَ، ومِثْلُهَا لَفِيكَ، وَلَكِنِّي أَرَاكَ تَجُورُهَا
تَنَقَّذْتَهَا مِنْ عَبْدِ عَمْرو بن مَالِكٍ وأَنْتَ صَفِيُّ النَّفْسِ مِنْهُ وَخِيرُها
يُطِيلُ ثَوَاءً عِنْدَها لِيَرُدَّهَا وَهَيْهَاتَ مِنْهُ دُورُهَا وقُصُورها
و ((السلوى))، العسل. ((شار العسل يشوره))، أخذ من موضعه في الخلية.
(٢) ديوانه: ١٥٠، اللسان (عوض) (سحم) من قصيدة مضت منها أبيات كثيرة. وقد ذكرت هذا البيت في شرح بيت سالف ١٠: ٤٥١، تعليق: ١ = و ((الأسحم))، الضارب إلى السواد، و ((عوض)) لما يستقبل من الزمان بمعنى: ((أبدًا)). واختلفوا في معنى ((بأسحم داج))، وإقسامه به. فقالوا: أراد الليل. وقالوا: أراد سواد حلمة سدي أمه. وقيل أراد الرحم وظلمته. قيل: أراد الدم، لسواده، تغمس فيه اليد عند التحالف.

صفحة رقم 350
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية