آيات من القرآن الكريم

وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ
ﯰﯱﯲﯳﯴ

﴿وقاسمهما إِنِّي لَكمَا لمن الناصحين﴾ وسوس لَهما، وَحلف عَلَيْهِ، وَهُوَ أول من حلف بِاللَّه كَاذِبًا، فَكل من حلف بِاللَّه كَاذِبًا؛ فَهُوَ من أَتبَاع إِبْلِيس، وَفِي الحَدِيث:
" إِن الْمُؤمن يخدع بِاللَّه " فَلَمَّا حلف إِبْلِيس على مَا وسوسه بِهِ؛ ظن آدم أَنه لَا يحلف أحد بِاللَّه إِلَّا صَادِقا؛ من سَلامَة قلبه، فاغتر بِهِ.
وَفِيه قَول آخر: أَن قَوْله: ﴿وقاسمهما﴾ من الْقِسْمَة، كَأَن إِبْلِيس قَالَ لَهما: كلا من هَذِه الشَّجَرَة، فَمَا كَانَ من خير فلكما، وَمَا كَانَ من شَرّ وَسُوء فعلي.
وَقَوله: ﴿إِنِّي لَكمَا لمن الناصحين﴾ يَعْنِي: المرشدين، المريدين للخير.
فَإِن قَالَ قَائِل: قَوْله: ﴿مَا نهاكما رَبكُمَا عَن هَذِه الشَّجَرَة إِلَّا أَن تَكُونَا ملكَيْنِ﴾ دَلِيل على أَن الْمَلَائِكَة أفضل من الْآدَمِيّين، قيل: مَعْنَاهُ - وَالله أعلم -: أَنَّهُمَا رَأيا الْمَلَائِكَة فِي أحسن صُورَة، وَأَرْفَع منزلَة، وَفِي تَسْبِيح دَائِم من غير تَعب وَلَا شَهْوَة؛ فتمنيا أَن يصلا إِلَى تِلْكَ الْمنزلَة لَو أكلا من تِلْكَ الشَّجَرَة، ويتخلصا من التَّعَب، وَمن شَهْوَة البشرية، وَلَيْسَ فِي هَذَا دَلِيل على أَن الْملك أفضل من الْآدَمِيّ.

صفحة رقم 171
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية