
المعنى:
هذا هو القول الفصل، الذي ليس بالهزل، مفخرة من مفاخر الإسلام وأسس من أسسه السليمة، حارب القرآن بهذه الآية وأمثالها أفكارا جاهلية وعقائد وثنية، وانظر إلى هنا، وإلى ما يفهمه المسيحيون عن عيسى- عليه السلام- نعم إن الدين عند الله الإسلام.
قل يا محمد: أنا بشر شرفت بالرسالة وحملت تلك الأمانة، فلا أملك لنفسي أى نفع كان، ولا أدفع عن نفسي أى ضرر كان، إلا ما شاء الله، وأنا بشر لا أعلم الغيب وإنما الغيب عند الله وحده، فكيف تسألونى عن الساعة كأنى حفى بها؟ أما لو كنت أعلم الغيب حقيقة لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء أبدا والواقع غير هذا. إذ أنا بشر كبقية الناس شرفني الله بالرسالة فقط، وما أنا إلا نذير لكم وبشير لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا «١» والخلاصة أن الرسل خلق من خلقه وعباد مكرمون لا يشاركون الله في صفاته، ولا سلطان لهم على علمه وتدبيره، شرفهم الله بالرسالة، وهم القدوة الصالحة للعباد في الدنيا..
هكذا الإنسان [سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٨٩ الى ١٩٣]
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠) أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (١٩٣)

المفردات:
لِيَسْكُنَ إِلَيْها: ليطمئن ويسكن من الاضطراب النفسي. تَغَشَّاها:
أتاها لقضاء ما تطلبه الغريزة الجنسية. حَمَلَتْ: علقت منه، والحمل: ما كان في بطن أو على شجرة، والحمل ما كان على ظهر. فَمَرَّتْ: استمرت إلى وقت ميلاده من غير سقوط. فَلَمَّا أَثْقَلَتْ: حان وقت ثقلها وقرب وضعها.
صالِحاً المراد: نسلا صالحا في الجسم والفطرة.
هذه سورة بدئت بالكلام على القرآن والتوحيد، ثم تبع ذلك كلام على النشأة الأولى وما تبع ذلك، ثم الكلام على قصص الأنبياء خصوصا موسى، وها هو ذا يختمها بالكلام على التوحيد وعلى القرآن.
هو الذي خلقكم يا بنى آدم من جنس واحد وطبيعة واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها، ويطمئن بها، فإن الجنس إلى جنسه ميال، وجعل منها زوجها حتى إذا بلغا سن الحلم وهي السن التي معها تظهر الغريزة الجنسية في الرجل والمرأة. وجدا أنفسهما- خاصة الرجل- مضطربا ومحتاجا إلى الزوجة لتهدأ نفسه وتسكن من اضطرابها، وبهذا وحده يتحقق بقاء النوع الإنسانى.
فلما تغشاها واتصل بها الاتصال الجنسي المعروف حملت منه حملا كان خفيفا في أول الأمر لم تشعر به، فلما أثقلت وصارت ذات ثقل بكبر الولد في بطنها، وحان وقت الوضع. دعوا الله ربهما مقسمين لئن آتيتنا ولدا صالحا تام الخلقة قوى البنية سليم الفطرة لنكونن لك يا رب من الشاكرين.
وقد آتاهما الله ذلك، وكانت الفطرة لكل مخلوق الميل إلى الإسلام والتوحيد.
فلما آتاهما النسل الصالح جعلا، أى: بعض بنى آدم من الذكور والإناث له شركاء فيما آتاهما، واتجها إلى غير الله الذي أعطاهما، تعالى الله عما يشركون!!