آيات من القرآن الكريم

وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا ۚ سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ
ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ

قَوْله تَعَالَى: ﴿وكتبنا لَهُ فِي الألواح﴾ وَأَرَادَ بِهِ التَّوْرَاة، وَفِي الْخَبَر: " أَن الله - تَعَالَى - خلق آدم بِيَدِهِ، وَكتب التَّوْرَاة بِيَدِهِ، وغرس شَجَرَة طُوبَى بِيَدِهِ ".
وَاخْتلفُوا فِي تِلْكَ الألواح، قَالَ الْحسن: كَانَت الألواح من خشب، وَقَالَ مُجَاهِد: كَانَت من زبرجد أَخْضَر، وَقَالَ سعيد بن جُبَير: كَانَت من ياقوتة حَمْرَاء، وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة: كَانَت من برد. وَقيل: نزلت الألواح والتوراة مَكْتُوبَة عَلَيْهَا كنقش الْخَاتم.
﴿من كل شي موعظة﴾ أَي: تذكرة، وَحَقِيقَة الموعظة: هِيَ التَّذْكِير والتحذير مِمَّا يخَاف عاقبته. ﴿وتفصيلا لكل شَيْء﴾ أَي: بَيَانا للْحَلَال وَالْحرَام وَمَا أمروا بِهِ، وَمَا نهو عَنهُ ﴿فَخذهَا بِقُوَّة﴾ أَي: بجد واجتهاد، وَقيل مَعْنَاهُ: بِقُوَّة الْقلب.
﴿وَأمر قَوْمك يَأْخُذُوا بأحسنها﴾ قَالَ قطرب: أَي: بحسنها. وَاعْلَم أَن الْأَحْسَن مَا

صفحة رقم 214

﴿يَأْخُذُوا بأحسنها سأريكم دَار الْفَاسِقين (١٤٥) سأصرف عَن آياتي الَّذين يتكبرون فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق وَإِن يرَوا كل آيَة لَا يُؤمنُوا بهَا وَإِن يرَوا سَبِيل الرشد لَا يتخذوه سَبِيلا وَإِن يرَوا سَبِيل الغي يتخذوه سَبِيلا ذَلِك بِأَنَّهُم كذبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غافلين (١٤٦) وَالَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا ولقاء الْآخِرَة حبطت أَعْمَالهم هَل يجزون إِلَّا مَا كَانُوا﴾ كَانَ فِيهِ من الْفَرَائِض الْمَكْتُوبَة والنوافل الْمَنْدُوب إِلَيْهَا فَإِنَّهَا الْأَحْسَن، وَأما الْحسن: مَا كَانَ مُبَاحا، وَقيل: معنى قَوْله: ﴿يَأْخُذُوا بأحسنها﴾ أَي: بِأَحْسَن الْأَمريْنِ فِي كل شَيْء، كالعفو أحسن من الاقتصاص، وَالصَّبْر أحسن من الِانْتِصَار ﴿سأريكم دَار الْفَاسِقين﴾ وَقَرَأَ قسَامَة بن زُهَيْر: " سأورثكم " من التوريث، فعلى هَذَا مَعْنَاهُ: سأورثكم أَرض مصر، وَأما الْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة " سأريكم " قَالَ مُجَاهِد وَجَمَاعَة: سأريكم جَهَنَّم، وَقيل: أَرَادَ بِهِ مصَارِع الْكفَّار. قَالَ قَتَادَة: دَار الْفَاسِقين أَرَادَ بهَا الشَّام؛ على معنى: أريكم فِيهَا مَا أهلكت من قرى الْكفَّار قبلكُمْ؛ لِأَن مُوسَى خرج بهم إِلَى الشَّام.

صفحة رقم 215
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية