آيات من القرآن الكريم

وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ

﴿وَلَمَّا جَاء موسى لميقاتنا﴾ لوقتنا الذي وقتنا واللامُ للاختصاص أي اختَصَّ مجيئُه بميقاتنا ﴿وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ من غير واسطةٍ كما يكلِّمُ الملائكةَ عليهم السَّلامُ وفيما روي أنه عليه الصلاةُ والسلام كان يسمع ذلك من كل جهةٍ تنبيهٌ على أن سماع كلامه عزَّ وجلَّ ليس من جنس سماعِ كلام المحدّثين ﴿قَالَ رَبّ أَرِنِى أَنظُرْ إِلَيْكَ﴾ أي أرني ذاتك بأن تمكنني من رؤيتك أو تتجلى لي فأنظرَ إليك وأراك وهو دليلٌ على أن رؤيتَه تعالى جائزةٌ في الجملة لما أن طلبَ المستحيلِ مستحيلٌ من الأنبياء لا سيما ما يقتضي الجهل بشئون الله تعالى ولذلك رده بقوله تعالى لن تراني دون لن أرى ولن أُرِيَك ولن تنظُرَ إليّ تنبيهاً على أنه قاصرٌ عن رؤيته لتوقفها على معد في الرائي ولم يوجد فيه ذلك بعد وجعل الؤال لتبكيت قومِه الذين قالوا أرنا الله جهرةً خطأٌ إذ لو كانت الرؤيةُ ممتنعةً لوجب أن يُجهِّلَهم ويُزيحَ شبهتَهم كما فعل ذلك حين قالوا اجعل لَّنَا إلها وأن لا يتبعَ سبيلَهم كما قال لأخيه ولا تتبعْ سبيلَ المفسدين والاستدلالُ بالجواب على استحالتها أشدُّ خطأً إذ لا يدل الإخبارُ بعدم رؤيتِه إياه على أنه لا يراه ابدا وأن لا يراه غيرُه أصلاً فضلاً عن أن يدل على استحالتها ودعوى الضرورةِ مكابرة أو جهل لحقيقة الرؤية ﴿قَالَ﴾ استئنافٌ مبني على سؤالٍ نشأَ من الكلامِ كأنَّه قيلَ فماذَا قالَ ربُّ العزة حين قال موسى عليه السلام ما قل فقيل قال ﴿لَن تَرَانِى ولكن انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِى﴾ استدراكٌ لبيان أنه لا يُطيق بها وفي تعليقها باستقرار الجيل أيضاً دليلٌ على الجواز ضرورةَ أن المعلَّق بالممكن ممكنٌ والجبلُ قيل هو جبل أردن ﴿فَلَمَّا تجلى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ﴾ أي ظهرت له عظمتُه وتصدّى له اقتدارُه وأمرُه وقيل أُعطي الجبلُ حياةً ورؤيةً حتى رآه ﴿جَعَلَهُ دَكّا﴾ مدكوكاً مُفتّتاً والدكُّ والدقُّ أخَوَان كالشك والشق

صفحة رقم 269

الأعراف آية ١٤٤ ١٤٥
وقرىء دَكَّاء أي أرضاً مستويةً ومنه ناقةٌ دكاءُ للتي لا سنامَ لها وقرىء دُكاً جمعُ دكّاءَ أي قطعاً ﴿وخر موسى صعقا﴾ منغشيل عليه من هول ما رآه ﴿فَلَمَّا أَفَاقَ﴾ الإفاقةُ رجوعُ العقلِ والفهم إلى الإنسان بعد ذهابِهما بسبب من الأسباب ﴿قَالَ﴾ تعظيماً لما شاهدجه ﴿سبحانك﴾ أي تنزيهاً لك من أن أسألك شيئاً بغير إذنٍ منك ﴿تُبْتُ إِلَيْكَ﴾ أي من الجراءة والإقدامِ على السؤال بغير إذن ﴿وَأَنَاْ أَوَّلُ المؤمنين﴾ أي بعظمتك وجلالِك وقيل أولُ من آمن بأنك لا تُرى في الدنيا وقيل بأنه لا يجوز السؤال بغير إذن منك

صفحة رقم 270
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية