آيات من القرآن الكريم

وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ

قوله تعالى: قالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً أي: أطلب لكم، وهذا استفهام إنكار. قال المفسّرون، منهم ابن عباس، ومجاهد: والعالمون ها هنا: عالمو زمانهم.
[سورة الأعراف (٧) : آية ١٤١]
وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (١٤١)
قوله تعالى: وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ قرأ ابن عامر: «وإذ أنجاكم» على لفظ الغائب المفرد.
[سورة الأعراف (٧) : آية ١٤٢]
وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (١٤٢)
قوله تعالى: وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً المعنى: وعدناه انقضاء ثلاثين ليلة. قال ابن عباس:
قال موسى لقومه: إن ربي وعدني ثلاثين ليلة، فلما فصل إلى ربه زاده عشراً، فكانت فتنتهم في ذلك العشر. فان قيل: لم زيد هذا العشر؟ فالجواب: أن ابن عباس قال: صام تلك الثلاثين ليلهن ونهارهن، فلما انسلخ الشهر، كره أن يكلم ربه وريح فمه ريح فم الصائم، فتناول شيئاً من نبات الأرض فمضغه، فأوحى الله تعالى إليه: لا كلمتك حتى يعود فوك على ما كان عليه، أما علمت أن رائحة فم الصائم أحب إليَّ من ريح المسك؟ وأمره بصيام عشرة أيام. وقال أبو العالية: مكث موسى على الطور أربعين ليلة، فبلغَنا أنه لم يُحدث حتى هبط منه.
فان قيل: ما معنى فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وقد عُلم ذلك عند انضمام العشر إلى الثلاثين. فالجواب من وجوه: أحدها: أنه للتأكيد. والثاني: ليدل أن العشر، ليالٍ لا ساعات.
والثالث: لينفي تمام الثلاثين بالعشر أن تكون من جملة الثلاثين، لأنه يجوز أن يسبق إلى الوهم أنها كانت عشرين ليلة فأُتمت بعشر. وقد بينا في سورة (البقرة) لماذا كان هذا الوعد.
قوله تعالى: وَأَصْلِحْ قال ابن عباس: مرهم بالإصلاح. وقال مقاتل: ارفق.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٤٣ الى ١٤٤]
وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (١٤٣) قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٤٤)
قوله تعالى: وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا قال الزجاج، أي: للوقت الذي وقَّتنا له. وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ أسمعه كلامه، ولم يكن بينه وبين الله عزّ وجلّ فيما سمع أحد. قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ أي: أرني نفسك. قوله تعالى: قالَ لَنْ تَرانِي تعلق بهذا نُفاة الرؤية وقالوا: «لن» لنفي الأبد «١»، وذلك غلط،

(١) قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٢/ ٣٠٨: وقد أشكل حرف «لن» هاهنا على كثير من العلماء لأنها موضوعة لنفي التأبيد، فاستدل المعتزلة على نفي الرؤية في الدنيا والآخرة. وهذا أضعف الأقوال، لأنه قد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بأن المؤمنين يرون الله في الدار الآخرة. اه.

صفحة رقم 151

لأنها قد وردت وليس المراد بها الأبد في قوله: وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ «١» ثم أخبر عنهم بتمنِّيه في النار بقوله تعالى: يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ «٢»، ولأن ابن عباس قال في تفسيرها: لن تراني في الدنيا. وقال غيره: هذا جواب لقول موسى: «أرني»، ولم يُرد: أرني في الآخرة، وإنما أراد في الدنيا، فأُجيب عما سأل. وقال بعضهم: لن تراني بسؤالك. وفي هذه الآية دلالة على جواز الرؤية، لأن موسى مع علمه بالله تعالى، سألها، ولو كانت مما يستحيل لما جاز لموسى أن يسألها، ولا يجوز أن يجهل موسى مثل ذلك، لأنّ معرفة الأنبياء لله ليس فيها نقص، ولأن الله تعالى لم ينكر عليه المسألة وإنما منعه من الرؤية، ولو استحالت عليه لقال: «لا أُرى» ألا ترى أن نوحا لما قال: إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي أنكر عليه بقوله: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ «٣»، ومما يدل على جواز الرؤية أنه علَّقها باستقرار الجبل، وذلك جائز غير مستحيل، فدل على أنها جائزة، ألا ترى أن دخول الكفار الجنة لما استحال علَّقه بمستحيل فقال: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ «٤».
قوله تعالى: فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ أي: ثبت ولم يتضعضع.
قوله تعالى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ قال الزجاج: ظهر، وبان. جَعَلَهُ دَكًّا قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: «دكّا» منوّنة مقصورة ها هنا وفي (الكهف). وقرأ عاصم: «دكّاً» ها هنا منوَّنة مقصورة، وفي (الكهف) :«دكاء» ممدودة غير منونة. وقرأ حمزة والكسائي: «دكاء» ممدودة غير منونة في الموضعين. قال أبو عبيدة: «جعله دكّا» أي: مندكّا والمندكّ: المستوي والمعنى: مستوياً مع وجه الأرض، يقال: ناقة دكَّاء، أي: ذاهبة السنام مستوٍ ظهرها. قال ابن قتيبة: كأن سنامها دُكَّ، أي:
التصق، قال: ويقال: إن أصل دككتُ: دققت، فأبدلت القاف كافاً لتقارب المخرجين. وقال أنس بن مالك في قوله: «جعله دكاً» : ساخ الجبل. قال ابن عباس: واسم الجبل: زبير، وهو أعظم جبل بمدين، وإن الجبال تطاولت ليتجلَّى لها، وتواضع زبير فتجلى له. قوله تعالى: وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فيه قولان: أحدهما: مغشياً عليه، قاله ابن عباس والحسن وابن زيد. والثاني: ميتاً، قاله قتادة ومقاتل.
والأول أصح، لقوله تعالى: فَلَمَّا أَفاقَ وذلك لا يقال للميت. وقيل: بقي في غشيته يوماً وليلة.
قوله تعالى: سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ فيما تاب منه ثلاثة أقوال: أحدها: سؤال الرّؤية، قاله ابن عباس، ومجاهد. والثاني: الإقدام على المسألة قبل الإذن فيها. والثالث: اعتقاد جواز رؤيته في الدنيا.
وفي قوله تعالى: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ قولان «٥» : أحدهما: أنك لن تُرى في الدنيا، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: أول المؤمنين من بني إسرائيل، رواه عكرمة عن ابن عباس.

(١) سورة البقرة: ٩٥.
(٢) سورة الزخرف: ٧٧.
(٣) سورة هود: ٤٥ و ٤٦.
(٤) سورة الأعراف: ٤٠.
(٥) قال ابن كثير في «تفسيره» ٢/ ٣١٠: قال ابن عباس ومجاهد: من بني إسرائيل، واختاره ابن جرير. وفي رواية أخرى عن ابن عباس وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ أنه لا يراك أحد. وكذا قال أبو العالية: قد كان قبله، ولكن يقول:
أنا أول من آمن بك أنه لا يراك أحد من خلقك إلى يوم القيامة وهذا قول حسن له اتجاه.

صفحة رقم 152
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية