
قوله: ﴿وَجَاوَزْنَا ببني إِسْرَآئِيلَ البحر﴾، إلى قوله: ﴿(بلاء) مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾.
والمعنى: وقطعنا ببني إسرائيل البحر بعدما رَأَوا من الآيات والعِبر فلم يَتَّعِظوا بذلك ويزدجروا، حتى قالوا، إذ مَرُّوا بقوم مقيمين على أصنام لهم يعبدونها: ﴿ياموسى اجعل لَّنَآ إلها كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾.
و: ﴿يَعْكُفُونَ﴾. يقيمون ويواظبون ويلازمون. والضم والكسر في " الكاف " لغتان.

فقال لهم موسى: (عليه السلام): ﴿إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾.
أي: تجهلون نعمة الله ( تعالى)، عليكم وحقه، وتجهلون أنه لا تجوز العبادة إلا لله، (سبحانه).
قال ابن جريج ﴿على أَصْنَامٍ لَّهُمْ﴾، تماثيل بقر. ومن أجل ذلك شبه عليهم السامري بالعجل.
يريد أنه من تلك البقر التي ريأتموها تعبد. فعبدوه أربعين يوماً.
وهؤلاء القوم الذين مروا بهم عاكفون على عبادة الأصنام، قيل: هم من لخَمْ. قاله قتادة.

وقيل: بل كانوا من الكنعانيين الذين أمر موسى (عليه السلام)، بقتالهم.
قوله: ﴿إِنَّ هؤلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ (وَبَاطِلٌ)﴾.
هذا خبر من الله ( تعالى)، عن قول موسى (عليه السلام)، لقومه.
و ﴿مُتَبَّرٌ﴾: مُهْلَكٌ، وباطل عملهم.
وقال ابن عباس ﴿مُتَبَّرٌ﴾: خُسْران.
ومعنى ﴿مُتَبَّرٌ﴾، عند أهل اللغة: مُهْلَكٌ ومُدَمَّر.

ثم قال لهم موسى: ﴿أَغَيْرَ الله أَبْغِيكُمْ إلها﴾.
أي: أسوى أطلب لكم مَعْبُوداً، ﴿وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى العالمين﴾، أي: عالم عصركم.
ثم قال تعالى مخاطباً اليهود الذين بين ظَهْرَانيَ النبي، يقرعهم بما فعل بآبائهم: ﴿وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَونَ﴾، أي: واذكروا مع ما قلتم لموسى، (عليه السلام)، بعدما رأيتم من الآيات والعبر، ﴿وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سواء العذاب﴾، أي: يحملونكم على أقبح العذاب.
وقيل معناه: يولونكم.
ثم بينهما هو، فقال: {يُقَتِّلُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذلكم بلاء مِّن رَّبِّكُمْ