آيات من القرآن الكريم

قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَٰهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ

وقوله تعالى: وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا...
الآية: الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ كناية عن بني إسرائيل، ومَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا.
قال الحسنُ وغيره: هي الشامُ «١». وقالتْ فرقة: يريد الأرضَ كلَّها وهذا يتَّجه إِمَّا على المَجازِ لأنه ملَّكهم بلاداً كثيرة، وإِما على الحقيقة في أَنَّه ملك ذرِّيَّتهم، وهمْ سليمانُ بنُ دَاوُدٌ، ويترجَّح التأويل الأَول بوَصْف الأرض بأنها التي بَارَكَ فيها سبحانه.
وقوله سبحانه: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى، أي: ما سبق لهم في علمه وكلامِهِ في الأزلِ من النَّجَاة من عدوِّهم، والظهور عليه قاله مجاهد «٢»، ويَعْرِشُونَ قال ابن عباس «٣» ومجاهد «٤» : معناه: يبنون.
قال ع «٥» : رأيتُ للحسنِ البصريِّ رحمه اللَّه أنَّه احتجَّ بقوله سبحانه: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ... إلى آخر الآية على أنه ينبغي أَلاَّ يخرج عن ملوك السُّوء، وإِنما ينبغي أنْ يُصْبَر عليهم فإِن اللَّه سبحانه «٦» يدمِّرهم، ورأَيْتُ لغيره أنه إذا قابل الناس البلاء بمثله، وَكَّلَهُمُ اللَّهُ إلَيْه، وإِذا قابلوه بالصبر، وانتظارِ الفَرَجِ، أتى اللَّه بالفَرَج، ورُوِي هذا أيضا عن الحسن «٧».
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٣٨ الى ١٤١]
وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (١٣٨) إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٩) قالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٤٠) وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (١٤١)

(١) أخرجه الطبري (٦/ ٤٣- ٤٤) برقم: (١٥٠٥٣)، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٤٦)، وابن كثير (٢/ ٢٤٢)، والسيوطي (٣/ ٢٠٨)، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن عساكر.
(٢) أخرجه الطبري (٦/ ٤٤) برقم: (١٥٠٥٨) بنحوه، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٤٦)، وابن كثير (٢/ ٢٤٢)، والسيوطي (٣/ ٢١٢)، وعزاه لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.
(٣) أخرجه الطبري (٦/ ٤٥) برقم: (١٥٠٦٠)، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٤٧)، وابن كثير (٢/ ٤٤٢)، والسيوطي (٣/ ٢١٢)، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم.
(٤) أخرجه الطبري (٦/ ٤٥) برقم: (١٥٠٦١)، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٤٧)، والبغوي (٢/ ١٩٤)، وابن كثير (٢/ ٢٤٢)، والسيوطي (٣/ ٢١٢)، وعزاه لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.
(٥) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٤٤٧). [.....]
(٦) ذكره ابن عطية (٢/ ٤٤٧)، والسيوطي (٣/ ٢١٢)، وعزاه لابن سعد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.
(٧) ذكره ابن عطية (٢/ ٤٤٧).

صفحة رقم 71

وقوله سبحانه: وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ: أي: بَحْرَ القُلْزُم، فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ، قيل: هم الكَنْعَانِيُّونَ.
وقيل: هم مِنْ لَخْم وجُذام، والقَوْمُ فى كلام العرب: هم الرجَالُ خاصَّة يَعْكُفُونَ، العُكُوفُ: الملازمة عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ، قيل كانت بقراً.
وقال ابن جُرَيْج: كانت تماثيلَ بقرٍ من حجارةٍ وعيدانٍ ونحوها، وذلك كان أوَّل فتنةِ العِجْل، وقولهُم: اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ، يظهر منه استحسانهم لمَا رَأَوْه من تلك الآلهة بجهلهم فأرادوا أنْ يكون ذلك في شَرْع موسى، وفي جملة ما يُتقرَّبُ به إِلى اللَّه، وإِلاَّ فبعيدٌ أن يقولوا لموسَى: اجعل لنا صنماً نُفْرِدُهُ بالعبادة، ونَكْفُر بربِّك وعلى هذا الذي قلت يقع التشابه الذي نصّه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قَوْلِ أَبي واقِدٍ اللِّيْثِّي اجعل لَنَا، يَا رَسُولَ اللَّه، ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذات أنواط «١»، فأنكره النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَر! قُلْتُمْ واللَّهَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ: لَتَّتبعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ... »
الحديث «٢»، ولم يقصد أبو واقدٍ بمقالته فساداً، وقال بعضُ الناسَ كان ذلك من بني إسرائيل كفراً، ولفظةً «الإله» تقتضي ذلك، وهذا محتملٌ، وما ذكرتُهُ أولاً أصحُّ، واللَّه أعلم.
قلتُ: وقولهم: هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى [طه: ٨٨]، وجواب موسى هنا يقوِّي الاحتمال الثاني، نعم: الَّذي يجب أن يعتقد أنَّ مِثْلَ هذه المقالاتِ إنما صدرت من

(١) هي اسم شجرة بعينها كانت للمشركين ينوطون بها سلاحهم، أي: يعلقونه بها، ويعكفون حولها، فسألوه أن يجعل لهم مثلها، فنهاهم عن ذلك. وأنواط: جمع نوط، وهو مصدر سمي به المنوط.
ينظر: «النهاية» (٥/ ١٢٨).
(٢) أخرجه الترمذي (٤/ ٤٧٥) كتاب «الفتن» باب: ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم، حديث (٢١٨٠)، وأحمد (٥/ ٢١٨)، والنسائي في التفسير (١/ ٤٩٩- ٥٠٠)، والحميدي (٨٤٨)، والطيالسي (١٣٤٦)، وعبد الرزاق (٢٠٧٦٣)، وأبو يعلى (٣/ ٣٠) برقم: (١٤٤١)، وابن حبان (١٨٣٥- موارد)، وابن أبي عاصم في «السنة» (٧٦)، والطبراني (٣٢٩٠، ٣٢٩٤) كلهم من طريق سنان بن أبي سنان، عن أبي واقد الليثي به.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٢١٣)، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه.

صفحة رقم 72
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية