
١٣٥ - قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ﴾. قال ابن عباس (١): (يريد: إلى الأجل الذي غرقهم (٢) الله فيه).
وقوله تعالى: ﴿إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ﴾، أي: ينقضون العهد ولا يوفون بما عاهدوا، وأصل النكث أن تنكث أخلاق (٣) الأخبية والأكسية فتغزل ثانية، وهي تسمى: أنكاثًا وواحدها نِكْثُ، والذي ينكثها نكاث، ثم يقال: نكَث فلان عهده إذا نقضه بعد إحكامه كما ينكث مخيط الصوف بعد إبرامه (٤).
١٣٦ - قوله تعالى: ﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾، معنى الانتقام في [اللغة] (٥)
(٢) في (ب): (عرفهم) وكذلك جاء عند الواحدي في "الوسيط" ٢/ ٢٣٠ وقال البغوي ٣/ ٢٧٢: (يعني إلى الغرق في اليم) اهـ.
وقال ابن عطية ٦/ ٥٤: (الأجل يراد به غاية كل واحد منهم بما يخصه من الهلاك، والموت هذا اللازم من اللفظ كما تقول: أخذت كذا إلى وقت وأنت لا تريد وقتا بعينه، وقيل: الأجل هنا: الغرق؛ لأن أكثر هذه الطائفة مات منه فالإشارة هنا بالأجل إنما هي إلى الغرق، وهذا ليس بلازم لأنه لا بد أنه مات منهم قبل الغرق عالم وبقي بمصر خلق لم يغرق فأين الغرق من هؤلاء؟ وذكر بعض الناس أن معنى الكلام: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ﴾ المؤجل ﴿إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ﴾ ومحصول هذا التأويل أن العذاب كان مؤجلاً، والمعنى الأول أفصح لأنه تضمن توعدا ما) اهـ. بتصرف.
(٣) الأخلق: اللين الأملس المصمت، وثوب خلق بال. انظر: "اللسان" ٢/ ١٢٤٧.
(٤) انظر: "العين" ٥/ ٣٥١، و"الجمهرة" ١/ ٤٣١، و"تهذيب اللغة" ٤/ ٣٦٥٨، و"الصحاح" ١/ ٢٩٥، و"المجمل" ٣/ ٨٨٤، و"مقايس اللغة" ٥/ ٤٧٥، و"المفردات" ص ٨٢٢، و"اللسان" ٨/ ٤٥٣٦ (نكث)
(٥) لفظ: "اللغة" ساقط من (ب).

سلب النعمة بالعذاب (١)، قال الليث: (انتقم إذا كافأه عقوبة بما صنع) (٢).
وقوله تعالى: ﴿فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾، أي: في البحر (٣) وأظنه (٤) قد مرَّ.
وقوله تعالى: ﴿وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾؛ اختلفوا في الكناية في ﴿عَنْهَا﴾؛ فقيل: إنها تعود إلى النقمة التي دلت عليها (انتقمنا)، والمعنى: وكانوا عن النقمة قبل حلولها ﴿غَافِلِينَ﴾ (٥)، وعلى هذا دل كلام ابن عباس؛ لأنه قال في قوله: ﴿عَنْهَا﴾: (عما يراد بهم من الغرق) (٦).
وقيل: الكناية تعود إلى الآيات، وهو اختيار الزجاج لأنه قال: (أي: كانوا لا يعتبرون بالآيات التي تنزل بهم) (٧).
(٢) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٦٥٤، وانظر: "العين" ٥/ ١٨١.
(٣) هذا هو قول أهل اللغة والتفسير، انظر: "مجاز القرآن" ١/ ٢٢٧، و"تفسير غريب القرآن" ص ١٨٠، و"تفسير الطبري" ٩/ ٤٢، و"معاني الزجاج" ٢/ ٣٧١، والنحاس ٣/ ٧٢، و"تفسير السمرقندي" ١/ ٥٦٥، وانظر: "العين" ٨/ ٤٣١، و"تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩٨٤، و"الصحاح" ٥/ ٢٠٦٥، و"مقاييس اللغة" ٦/ ١٥٣، و"المفردات" ص ٨٩٣، و"اللسان" ٨/ ٤٩٦٦ (يمم).
(٤) الظاهر أن لم يمر لأن أول موضع ورد فيه لفظ ﴿الْيَمِّ﴾ في هذه الآية، وانظر تعريف البحر عند الواحدي في "البسيط" البقرة: ٥٠.
(٥) هذا هو قول الطبري في "تفسيره" ٩/ ٤٢، والبغوي ٣/ ٢٧٣.
(٦) لم أقف عليه.
(٧) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٧١، والنقمة من الآيات، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" ٣/ ٢٥٢، والرازي ١٤/ ٢٢٠.