هذه الثلاث وسمع فيلسوف صوت مغن بارد فقال يزعم اهل الكهانة ان صوت البوم يدل على موت الإنسان فان كان ما ذكروه حقا فصوت هذا يدل على موت البومة
زيبقم در كوش كن تا نشنوم... يا درم بگشاى تا بيرون روم
وتساقطت النجوم فى ايام بعض الأمراء فخاف من ذلك واحضر المنجمين والعلماء فما أجابوا بشىء فقال جميل الشاعر
هذى النجوم تساقطت... لرجوم اعداء الأمير
فتفائل به وامر له بصلة حسنة ولا بأس بان يتفاءل بالفأل الحسن وكان النبي عليه السلام يحب الفأل ويكره الطيرة والفأل الحسن هى الكلمة الصالحة يسمعها من أخيه نحو ان يسمع أحد وهو طالب امر يا واجد يا نجيح او يكون فى سفر فيسمع يا راشد يعنى يا واجد الطريق المستقيم او مريضا فيسمع يا سالم فالتفاؤل بالأمور المشروعة مشروع والطيرة منهى عنها والفرق بين الفأل والطيرة مع ان كل واحد منهما استدلال بالامارة على مآل الأمر وعاقبته ان الأرواح الانسانية أقوى وأصفى من الأرواح البهيمية والطيرية فالكلمة الحسنة التي تجرى على لسان الإنسان يمكن الاستدلال بها بخلاف طيران الطير وحركات البهائم فان أرواحها ضعيفة فلا يمكن الاستدلال بها على شىء من الأحوال ويروى ان النبي عليه السلام حول رداءه فى الاستسقاء وذكر فى الهداية انه كان تفاؤلا يعنى قلب علينا الحال كما قلبنا رداءنا وروى عن ابى هريرة رضى الله عنه انه قال قلت يا رسول الله انى اسمع منك حديثا كثيرا أنساه فقال (ابسط رداءك) فبسطته ففرق بيديه ثم قال (ضمه) فضممته فما نسيت شيأ بعده وهذا البسط والفرق والضم ليس إلا تفاؤلا والا فالعلم ليس مما يسقط على الرداء ويمكن فيه الفرق والضم ولكن التفاؤل يحصل به يعنى كما بسطت ردائى توقيا لما يسقط فيه فكذلك أصغيت سمعى لما يقع فيه من الكلام وكما أعطيت شخصا كثيرا من الرزق يفرق بين اليدين فكذا أعطيته شيأ كثيرا من العلم وكما يؤمن بالضم من سقوط ما فى الرداء كذلك يؤمن من خروج ما فى السمع او نسيان ما فى الخاطر فبعض الأوضاع يدل على بعض الأحوال كما ان بعض الأسماء يدل على بعض الأمور كما حكى ان عمر رضى الله عنه قال لرجل ما اسمك قال جمرة قال ابن من قال ابن شهاب قال من اين قال من الخرقة قال اين تسكن قال فى الحرة وهى ارض ذات حجارة سود كأنها أحرقت فقال عمر أدرك أهلك فقد احترقوا فرجع فوجدهم قد احترقوا وأراد عمر رضى الله عنه الاستعانة برجل فسأله عن اسمه فقال ظالم بن سراق فقال تظلم أنت ويسرق أبوك ولم يستعن ودل هذا على تبديل الأسماء القبيحة بالأسماء الحسنة فان فى الأسماء الحسنة التفاؤل ونظير ذلك ما يفهم من قوله عليه السلا (لا تمارضوا فتمرضوا) يعنى ان من اظهر المرض وقال انا مريض فهذا القول والفعل منه يثمر المرض ويؤاخذ به
كفت پيغمبر كه رنجورى بلاغ... رنج آرد تا بميرد چون چراغ
والله الهادي الى الحسنات وهو دافع السيئات وَقالُوا اى فرعون وقومه بعد ما رأوا
صفحة رقم 219
قوم موسى شو بخور اين آب را
صلح كن با مه ببين مهتاب را
ثم ان فرعون أجهده العطش وكانوا يأتونه باوراق الأشجار الرطبة فيمصها فتصير دما عبيطا او أجاجا وكانوا لا يأكلون ولا يشربون سبعة ايام الا الدم فقال فرعون اقسم بإلهك يا موسى لئن كشفت عنا هذا الدم لنؤمنن لك فدعا فعذب ماؤهم فعادوا لكفرهم الى ان كان من امر الغرق ما كان آياتٍ مُفَصَّلاتٍ حال من مفعول أرسلنا اى أرسلنا عليهم هذه الأشياء حال كونها آيات وعلامات مبينات لا يشكل على عاقل انها آيات الله ونقمته وقيل معنى مفصلات مفرقات ومنفصلات بان فصل بعضها عن بعض بزمان لامتحان أحوالهم هل يعتبرون او يستمرون على المخالفة والعناد وما كان بين كل اثنتين منها شهر وكان امتداد كل واحدة منها اسبوعا فَاسْتَكْبَرُوا اى تعظموا عن الايمان بها وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ [گروهى مجرم يعنى معاند در كفر كه با وجود تظاهر آيات وتتابع ان ايمان نياوردند] وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ اى العذاب المذكور من الطوفان وغيره اى كلما وقع عليهم عقوبة من تلك العقوبات قالُوا فى كل مرة يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ الباء صلة لادع وما مصدرية والمراد بالعهد النبوة اى ادع لنا ربك يكشف عنا العذاب بحق ما عندك من عهد الله تعالى وهو النبوة فان حق النبوة ومقتضاها ان يدعو النبي لامته لدفع ما أصابهم من البلايا والمحن سميت النبوة عهدا للمبالغة فى كونها معهودا بها فانه تعالى لما بعثه رسولا وأوصاه بتحمل أعباء الرسالة وميثاق التبليغ فقد جعلت النبوة مما اوصى به وعهده فجعلت نفس العهد للمبالغة فى كونها معهودا بها وفى التفسير الفارسي (بما عهد عندك) [بآنچهـ عهد كرده وآن عهد نزديك تست يعنى خداى تو با تو وعده كرده كه چون او را بخوانى اجابت كند] فما موصولة عبر بها عما يدعو به المتضرع الى الله تعالى فى طلب حاجته والباء ايضا صلة لادع لَئِنْ كَشَفْتَ اى [باز برى وزائل كردانى] عَنَّا الرِّجْزَ الذي وقع علينا لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ الى موطن آبائهم وهو الأرض المقدسة ولنطلقنهم من التسخير والأعمال الشاقة فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ اى الى حد من الزمان معذبون فيه او مهلكون وهو وقت الغرق والى أجل متعلق بقوله لما كشفنا وقوله هم بالغوه فى محل الجر على انه صفة لاجل إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ جواب لما اى فلما كشفنا عنهم فاجأوا النكث من غير تأمل وتوقف والنكث بالفارسي [عهد شكستن] فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ الفاء لسببية لنكث للانتقام والعقاب وأريد بالانتقام نتيجته وهو الإهلاك ومثله الغضب لان التشفي فى حقه تعالى محال قال ابن الشيخ الانتقام العقاب الواقع على مجازاة السيئة بالسيئة وانما أسند الانتقام الى ذاته لان الأنبياء وكمل الأولياء كانوا فانين عما سوى الله باقين بالله فكان الله خليفتهم فى أخذ الانتقام من أعدائهم. والمعنى فاردنا الانتقام منهم اى من فرعون وقومه لما اسلموا من المعاصي والجرائم فان قوله تعالى فَأَغْرَقْناهُمْ عين الانتقام منهم فلا يصح دخول الفاء بينهما فاطلق اسم المسبب على السبب تنبيها على ان الانتقام لم ينفك عن الارادة ويجوز ان يكون المراد مطلق الانتقام. والفاء تفسيرية كما فى قوله تعالى وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إلخ فِي الْيَمِّ اى فى البحر الذي لا يدرك قعره
صفحة رقم 223