آيات من القرآن الكريم

وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ
ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ

بيتها في الجنة قبل موتها (١).
قوله: ﴿وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ﴾ قال مقاتل: وعمله الشرك (٢). وروى أبو صالح (٣) عن ابن عباس: ﴿وَعَمَلِهِ﴾ قال: جماعه (٤). ﴿وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ قال الكلبي ومقاتل: المشركين أهل مصر (٥).
قال صاحب النظم: وتأويل الآية أن من كان مؤمنًا وعمل صالحًا لم يضره كفر حميمه ووليه وفساده (٦).
قال قتادة: كان فرعون أعتى أهل الأرض على الله وأبعدهم من الله. فوالله ما ضر امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربها لتعلموا، أن الله حكم عدل لا يؤاخذ عبدًا إلا بذنبه (٧).
وقال مقاتل: يقول لعائشة وحفصة: لا تكونا بمنزلة امرأة نوح وامرأة لوط في المعصية. وكونا بمنزلة امرأة فرعون ومريم (٨).
١٢ - قوله تعالى: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ وقد تقدم

(١) انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ١١٠، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٣٩٤، وأخرج أبو يعلى، والبيهقي بسند صحيح عن أبي هريرة نحوه، و"الدر" ٦/ ٢٤٥.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ١٦٠ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٦٨.
(٣) في (س): (أبو صالح) زيادة.
(٤) انظر: "الكشف والبيان" ١٢/ ١٥٣ أ، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٠٣.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ١٦٠ ب، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٠٣.
(٦) لم أجده، وهو ما ذكره غيره من المفسرين. انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ١١٠.
(٧) انظر: "جامع البيان" ٢٨/ ١٠٩، و"الدر" ٦/ ٢٤٥، ونسب إخراجه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
(٨) انظر: "تفسير مقاتل" ١٦٠ ب، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٠٢، عن يحيي ابن سلام.

صفحة رقم 30

تفسيره في سورة الأنبياء (١).
قال مقاتل: أحصنت فرجها عن الفواحش، وإنما ذكرت بذلك لأنها قذفت بالزنا (٢). وقال الكلبي: يعني فرجها ثوبها (٣).
قال الزجاج: والعرب تقول للعفيف: هو نقي الثوب وهو طيب الحُجْزة. تريد أنه عفيف، وأنشد للنابغة (٤):

رقاق النعال طيب حجزاتهم يحيون بالريحان يوم السباسب
ونحو هذا قال الفراء، وهو مستقصى فيما تقدم (٥)، والدليل على القول الثاني قوله: ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا﴾ أي في فرج ثوبها (٦).
قال مقاتل: يعني في الجيب، وذلك أن جبريل مد حبيب درعها بإصبعه ثم نفخ في جيبها، فحملت (٧). وهذا قول جماعة المفسرين (٨). ومن حمل الفرج على حقيقته في هذه الآية جعل الكناية في قوله: (فيه) من غير
(١) عند تفسيره الآية (٩١) من سورة الأنبياء.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ١٦١ أ، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ٥٠.
(٣) انظر: "تنوير المقباس" ٦/ ١٠٣، و"معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٦٩، ونسبه للمفسرين.
(٤) "ديوان النابغة الذبياني" ص ٤٩، و"تهذيب اللغة" ٤/ ١٢٤، و"اللسان" ١/ ٥٧٤ (حجز)، و"الخزانة" ٤/ ٣٩٣.
والسباسب والبسابس: القفار، واحدها: سبسب وبسبس، ومنه قيل للأباطيل: الترهات البسابس. "تهذيب اللغة" ١٢/ ٣١٥ (سب).
(٥) في (س): (ونحو هذا قال الفراء وهو مستقصي فيما تقدم) زيادة، وانظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٦٩.
(٦) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٩٦.
(٧) انظر: "تفسير مقاتل" ١٦١ أ.
(٨) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٠٣، و"جامع البيان" ٢٨/ ١١٠، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٣٩٤.

صفحة رقم 31

مذكور، وهو حبيب الدرع (١).
قوله تعالى: ﴿وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا﴾ قال مقاتل: يعني بعيسى أنه نبي الله (٢)، ويدل على هذا قراءة الحسن (بكلمةِ ربها) على الواحد (٣). وعيسى سمي كلمة الله في مواضع من القرآن (٤)، وجمعت تلك الكلمة هاهنا فذكرت باسم الجمع.
وقال أبو علي الفارسي: الكلمات تكون الشرائع التي شرع لها دون القول، لأن ذلك قد استغرقه.
قوله تعالى: ﴿وَكُتُبِهِ﴾ وكأن المعنى: صدقت بالشرائع التي ابتلي بها إبراهيم فأخذت بها وصدقت الكتاب فلم تكذب بها، وإنما سميت الشرائع كلمات كما سميت الشرائع (٥) التي ابتلي بها إبراهيم كلمات في قوله: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ﴾ [البقرة: ١٢٤] وقد مر. وهذا الذي ذكرناه قول أبي علي (٦). وهو معنى قول ابن عباس بكلمات ربها التي جاء بها جبريل. وقوله: ﴿وَكُتُبِهِ﴾ قال: التي أنزل على إبراهيم وموسى وداود وعيسى (٧).

(١) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٨/ ٢٠٣.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" ١٦١ أ، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ٥٥.
(٣) قرأ بها الحسن، وأبو العالية، وأبو مجلز، وعاصم الجحدري، وغيرهم. انظر: "زاد المسير" ٨/ ٣١٦، و"البحر المحيط" ٨/ ٢٩٥.
(٤) وردت بهذا المعنى في الآيتين (٣٩، ٤٥) من سورة آل عمران، (١٧١) من سورة النساء.
(٥) (س): (كلمات كما سميت الشرائع) زيادة.
(٦) انظر: "التفسير الكبير" ٣٠/ ٥٠.
(٧) انظر: "تنوير المقباس" ٦/ ١٠٣، و"الوسيط" ٤/ ٣٢٤.

صفحة رقم 32

وقرئ، (وكتابِهِ) على الواحد (١).
والمراد به الكثرة (٢) والشياع أيضًا. وقد يجيء ذلك في الأسماء المضافة كما جاء في المفردة التي بالألف واللام، كقوله: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: ٣٤]، فكما أن المراد بنعمة الله الكثرة، كذلك في قوله: (وكتابه) (٣).
قوله تعالى: ﴿وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ قال ابن عباس: من الطائعين لله عز وجل (٤).
قال مقاتل: من المطيعين لربها (٥). وقال عطاء: من المصلين (٦).
قيل: كانت تصلي بين المغرب والعشاء.
وقال قتادة: كانت من القوم المطيعين (٧). ولهذا قال: ﴿مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ دون القانتات: لأنه أراد القوم، وهو عام، كقوله: ﴿وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [آل عمران: ٤٣]، ومعنى من القوم القانتين أي من الذين (٨) هم مقيمون على طاعة الله. ويجوز أن يراد قومها، وذلك أن رهطها الذين كانت منهم

(١) قرأ أبوعمرو وحفص ويعقوب ﴿وَكُتُبِهِ﴾ بالجمع، وقرأ الباقون (وكتابه) بالانفراد. انظر: "حجة القراءات" ص ٧١٥، و"النشر" ٢/ ٣٨٩، و"الإتحاف" ص ٤١٩.
(٢) في (ك): (الكثير).
(٣) انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٦/ ٣٠٤.
(٤) انظر: "تنوير المقباس" ٦/ ١٠٤، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ٥٠.
(٥) انظر: "تفسير مقاتل" ١٦١ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٣٦٨.
(٦) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٣٦٨، و"التفسير الكبير" ٣٠/ ٥٥.
(٧) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٠٣، "جامع البيان" ٢٨/ ١١٠.
(٨) (س): (أي من الذين) زيادة.

صفحة رقم 33

مريم مطيعون، وكانوا أهل بيت من الله بمكان (١)

(١) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٣٦٨.

صفحة رقم 34

سورة الملك

صفحة رقم 35
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية