آيات من القرآن الكريم

وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ
ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَرْيَم ابْنة عمرَان الَّتِي أحصنت فرجهَا﴾ أشهر الْقَوْلَيْنِ أَنه الْفرج بِعَيْنِه. وَالْعرب تَقول: أحصنت فُلَانَة فرجهَا إِذا عفت عَن الزِّنَا.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الْفرج هَاهُنَا هُوَ الجيب. قَالَ الْفراء: كل خرق فِي درع أَو غَيره فَهُوَ فرج، وَيُقَال: فِي قِرَاءَة أبي بن كَعْب: " فنفخنا فِي جيبها من رُوحنَا "
وَقَوله: ﴿فنفخنا فِيهِ من رُوحنَا﴾ فِي الْقِصَّة: أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام نفخ فِي جيب درعها فَحملت بِعِيسَى، وَرُوِيَ أَنه دخل عَلَيْهَا فِي صُورَة شَاب أَمْرَد جعد قطط، وَهِي فِي مدرعة صوف. قَالَ أَبُو معَاذ النَّحْوِيّ: فِي مدرعتها. وعَلى القَوْل الأول إِذا

صفحة رقم 479

﴿وصدقت بِكَلِمَات رَبهَا وَكتبه وَكَانَت من القانتين (١٢) ﴾ قُلْنَا إِنَّه الْفرج بِعَيْنِه يصير النفخ فِي جيب درعها كالنفخ فِي فرجهَا بِعَيْنِه.
وَقَوله: ﴿وصدقت بِكَلِمَات رَبهَا﴾ وَقُرِئَ: " بِكَلِمَة رَبهَا " فَمَعْنَى الْكَلِمَات مَا أخبر الله تَعَالَى من الْبشَارَة بِعِيسَى وَصفته وكرامته على الله وَغير ذَلِك. وَيُقَال: بِكَلِمَات رَبهَا أَي: بآيَات رَبهَا. وَأما قَوْله: ﴿بِكَلِمَة رَبهَا﴾ هُوَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام.
وَقَوله: ﴿وَكتابه﴾ أَي: الْإِنْجِيل، وَقُرِئَ: " وَكتبه " أَي: التَّوْرَاة وَالزَّبُور وَالْإِنْجِيل.
وَقَوله: ﴿وَكَانَت من القانتين﴾ فَإِن قيل: كَيفَ قَالَ ﴿من القانتين﴾ وَلم يقل: " من القانتات "؟ قُلْنَا: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس ثَعْلَب مَعْنَاهُ: كَانَت من قوم قَانِتِينَ. والقنوت هُوَ الطَّاعَة على مَا بَينا. وَيُقَال: قنوتها هَاهُنَا هُوَ صلَاتهَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء، وَهُوَ أَيْضا فعل القانتين على هَذَا القَوْل، وَالله أعلم.

صفحة رقم 480

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

﴿تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك﴾
تَفْسِير سُورَة الْملك
وَهِي مَكِّيَّة
روى أَبُو هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام - قَالَ: " إِن سُورَة من الْقُرْآن ثَلَاثُونَ آيَة شفعت لصَاحِبهَا حَتَّى غفر لَهُ، وَهِي ﴿تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك﴾ ".
وروى أَبُو الزبير عَن جَابر أَن النَّبِي كَانَ لَا ينَام حَتَّى يقْرَأ: ﴿الم تَنْزِيل الْكتاب﴾، و ﴿تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك﴾ قَالَ طَاوس: يفضلان سَائِر السُّور بسبعين حَسَنَة.
وروى أَبُو الجوزاء عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا ضرب خباءه على قبر وَهُوَ لَا يحْسب أَنه قبر، فَسمع قَارِئًا: ﴿تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك﴾ حَتَّى ختم السُّورَة، فَأتى النَّبِي فَذكر لَهُ ذَلِك، فَقَالَ: " هِيَ المنجية، هِيَ الْمَانِعَة، تنجيه من عَذَاب الْقَبْر " ذكر هَذِه الْأَخْبَار أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه بِإِسْنَادِهِ.
وَفِي غَيره أَن الزُّهْرِيّ روى عَن حميد ابْن عبد الرَّحْمَن أَن النَّبِي قَالَ: " سُورَة الْملك تجَادل عَن صَاحبهَا يَوْم الْقِيَامَة ".

صفحة رقم 5

﴿وَهُوَ على كل شَيْء قدير (١) الَّذِي خلق الْمَوْت والحياة ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا﴾
وروى مرّة الْهَمدَانِي عَن عبد الله بن مَسْعُود: أَن رجلا أَتَى فِي قَبره من جوانبه، فَجلت سُورَة من الْقُرْآن تجَادل عَن صَاحبهَا حَتَّى الْجنَّة.
قَالَ مرّة: فَنَظَرت أَنا وخيثمة فَإِذا هِيَ سُورَة الْملك، وَالله أعلم.

صفحة رقم 6
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية