
يشير الى ان للمؤمن صفة الجمال والجلال وبهاء الكمال فأول المعاملات الجمال لان الله تعالى سبقت رحمته ثم الجلال فلما لم تقبل الكفار الدعوة بالرفق واللين وكذا المنافقون الإخلاص واليقين امر الله تعالى نبيه عليه السلام بالغلظة عليهم ليظهر احكام كل من الأسماء المتقابلة ففيه اشارة الى ان من خلق للرحمة وهم المؤمنون الا يغضب عليهم ولا يغلظ لانه قلب الحكمة وعكس المصلحة وان من خلق للغضب وهم الكفار والمنافقون لا يرحم لهم ولا يرفق بهم لذلك ودخل فيهم اهل البدعة ولذا لا يجوز أن يلقاهم السنى بوجه طلق وقد عاتب الله بعض من فعل ذلك فعلى المؤمن أن يجتهد فى طريق الحق حتى يدفع كيد الأعداء ومكر الشياطين عن الظاهر والباطن ويديم ذلك لان به يحصل الترقي الذي هو من خصائص الإنسان ولذا خص الجهاد بالثقلين واما جهاد الملائكة فبالتبعية او بتكثير السواد فاعرف ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا ضرب المثل فى أمثال هذه المواضع عبارة عن إيراد حالة غريبة ليعرف بها حالة اخرى مشاكلة لها فى ال غرابة اى يجعل الله مثالا لحال هؤلاء الكفرة حالا ومآلا على ان مثلا مفعول ثان لضرب واللام متعلقه به امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ اى حالهما مفعوله الاول اخر عنه ليتصل به ما هو شرح وتفسير لحالهما ويتضح بذلك حال هؤلاء وامرأة نوح هى واعلة بالعين المهملة او والعة وامرأة لوط هى واهلة بالهاء كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ بيان لحالهما الداعية لهما الى الخير والصلاة والمراد بكونهما تحتهما كونهما فى حكمهما وتصرفهما بعلاقة النكاح والزواج وصالحين صفة عبدين اى كانتا تحت نكاح نبيين وفى عصمة رسولين عظيمى الشان متمكنتين من تحصيل خير الدنيا والآخرة وخيازة سعادتهما واظهار العبدين المراد بهما نوح ولوط لتعظيمهما بالاضافة التشريفية الى ضمير التعظيم والوصف بالصلاح والا فيكفى أن يقول تحتهما وفيه بيان شرف العبودية والصلاح فَخانَتاهُما بيان لما صدر عنهما من الجناية العظيمة مع تحقق ما ينفيها من صحبة النبي والخيانة ضد الامانة فهى انما تقال اعتبارا بالعهد والامانة اى فخانتا هما بالكفر والنفاق والنسبة الى الجنون والدلالة على الأضياف ليتعرضوا لهم بالفجور لا بالبغاء فانه ما بغت امرأة نبى قط فالبغى للزوجة شد فى ايراث الانفة لاهل العار والناموس من الكفر وان كان الكفر أشد منه فى أن يكون جرما يؤاخذ به العبد يوم القيامة وهذا تصوير لحالهما المحاكية لهؤلاء الكفرة فى خيانتهم لرسول الله عليه السلام بالكفر والعصيان مع تمكنهم التام من الايمان والطاعة فَلَمْ يُغْنِيا إلخ بيان لما ادى اليه خيانتهما اى فلم يغن البيان عَنْهُما اى عن تينك المرأتين بحق الرواج مِنَ اللَّهِ اى من عذابه تعالى شَيْئاً من الإغناء اى لم يدفعا العذاب عنهما زن نوح غرق شد بطوفان وبر سر زن لوط سنك باريد وَقِيلَ لهما عند موتهما او يوم القيامة وصيغة المضي للتحقق قاله الملائكة الموكلون بالعذاب ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ اى مع سائر الداخلين من الكفرة الذين لا وصلة بينهم. وبين الأولياء ذكر بلفظ جمع المذكر لانهن لا ينفردن بالدخول وإذا اجتمعا فالغلبة للذكور وقطعت هذه
صفحة رقم 68
الجنة فالقى الحجر عليها بعد خروج فلم تجد ألما وقيل اشتاقت الى الجنة وملت من محبة فرعون فسألت ذلك. ودر اكثر تفاسير هست كه حق سبحانه ويرا بآسمانها برد بجسد وى وحالا در بهشت است. كما قال الحسن البصري قدس سره رفعت الى الجنة فهى فيها تأكل وتشرب وتتنعم قال فى الكشاف وفيه دليل على ان الاستعاذة بالله والالتجاء اليه ومسألة الخلاص منه عند المحن والنوازل من سير الصالحين وسنن الأنبياء والمرسلين (وفى المثنوى)
تا فرود آيد بلايى دافعى | چون نباشد از تضرع شافعى |
جز خضوع وبندگى واضطرار | اندرين حضرت ندارد اعتبار |
ويحسن اظهار التجلد للعدى | ويقبح غير العجز عند الاحبة |

قوله تعالى ومالها من فروج وكذا يكون اسناد النفخ الى الضمير مجاريا اى نفخ جبريل بأمرنا وهو انما نفخ فى جيب درعها مِنْ رُوحِنا اى من روح خلقناه بلا توسط اصل وأضاف الروح الى ذاته تعالى تفخيما لها ولعيسى كقوله وطهر بيتي وفى سورة الأنبياء فنفخنا فيها اى فى مريم اى أحيينا عيسى فى جوفها من الروح الذي هو من أمرنا وقال بعضهم أحيينا فى فرجها وأوجدنا فى بطنها ولدا من الروح الذي هو بامرنا وحده بلا سببية اصل وتوسل نسل على العادة لعامة او من جهة روحنا جبريل لانه نفخ من جيب درعها فوصل النفخ الى جوفها او ففعلنا النفخ فيه وقرئ فيها على وفاق ما فى سورة لانبياء اى فى مريم والمآل واحد انتهى. يقول الفقير يلوح لى هاهنا سرخفى وهو ان النفخ وان كان فى الجيب الا ان عيسى لما كان متولدا من الماءين الماء المتحقق وهو ماء مريم ولماء المتوهم وهو ما حصل بالنفخ كان النفخ فى الجيب بمنزلة صب الماء فى الفرج فالروح المنفوخ فى الجيب كالماء المصبوب فى الفرج والماء المصبوب وان لم يكن الروح عينه الا انه فى حكم الروح لانه يخلق منه الروح ولذا قال تعالى فنفخنا فيه اى فى الفرج سوآء قلت انه فرج القميص او العضو فاعرف ولا يقبله الا الألباء الروحانيون وَصَدَّقَتْ معطوف على أحصنت بِكَلِماتِ رَبِّها اى بالصحف المنزلة على الأنبياء عليهم السلام وفى كشف الاسرار يعنى الشرائع التي شرعها الله للعباد بكلماته المنزلة ويقال صدقت بالبشارات التي بشر بها جبريل وَكُتُبِهِ اى بجميع كتبة المنزلة الشاملة للصحف وغيرها من الكتب الالهية متقدمة او متأخرة وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ اى من
عداد المواظبين على الطاعة فمن للتبعيض وفى عين المعاني من المطيعين المعتكفين فى المسجد الأقصى والتذكير لتغليب المذكر فان مريم جعلت داخلة فى ذلك اللفظ مع المذكرين والاشعار بأن طاعتها لم تقصر عن طاعات الرجال حتى عدت من جملتهم او كانت من القانتين اى من نسلهم لانها من أعقاب هرون أخي موسى عليه السلام فمن لابتداء الغاية وعن النبي عليه السلام كمل من الرجال كثير ولم تكمل من النساء الا اربع آسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام كان العرب لا يؤثرون على الثريد شيأ حتى سموه بحبوحة الجنة وذلك لان الثريد مع اللحم جامع بين الغذاء واللذة وسهولة التناول وقلة المئونة فى المضع فضرب به مثلا يؤذن بأنها أعطيت مع الحسن الخلق حلاوة المنطق وفصاحة اللهجة وجودة القريحة ورصانة العقل والتحبب الى البعل فهى تصلح للتبعل والتحدث والاستئناس بها والإصغاء إليها وحسبك انها عقلت من النبي عليه السلام ما لم يعقل غيرها من النساء وروت ما لم يرو مثلها من الرجال وقد قال عليه السلام فى حقها خذوا ثلثى دينكم من عائشة ولذا قال فى الأمالى
وللصديقة الرجحان فاعلم | على الزهراء فى بعض الخصال |