
سورة الجمعة
مدنية، وهي سبعمائة وعشرون حرفا، ومائة وثمانون كلمة، وأحدى عشر آية
أخبرنا أبو عمرو الفراتي قال: أخبرنا موسى قال: أخبرنا مكي قال: حدّثنا سليمان قال:
حدّثنا أبو معاذ عن أبي عصمة عن زيد العمي عن أبي نصرة عن ابن عباس عن أبي بن كعب عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من قرأ سورة الجمعة كتب له عشر حسنات بعدد من ذهب الى الجمعة من مصر من أمصار المسلمين ومن لم يذهب» [٢٨٦] «١».
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الجمعة (٦٢) : الآيات ١ الى ٧]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤)مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥) قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧)
يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ قال أهل اللغة: كل أسم على فعّول بتشديد للعين فالفاء منه منصوبة، نحو سفّود وكلّوب وسمّور وشبّوط- وهو ضرب من السمك إلّا أحرف: سبّوح وقدّوس، ومردوح لواحد المراديح «٢»، وحكى الفراء عن الكسائي قال: سمعت أبا الدنيا وكان أعرابيا فصيحا يقرأ القدوس بفتح القاف ولعلها لغة.
الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ وقرأ أبو وائل الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ بالرفع على معنى هو الملك القدوس.
أخبرني عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدّثنا محمد بن عبد الله
(٢) المراديح: كل ما بسط ومد على الأرض.

ابن سليمان قال: حدّثنا محمد بن إسحاق الرازي قال: حدّثنا إسحاق بن سليمان قال: سمعت عمرو بن أبي قيس عن عطاء بن السائب عن ميسرة قال: هذه الآية يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ في التوراة سبعمائة آية.
هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ يعني العرب رَسُولًا مِنْهُمْ محمدا صلّى الله عليه وسلّم يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ في آخَرِينَ وجهان من الأعراب: أحدهما الخفض على الرد الى الأميين، مجازه: وفي آخرين، والثاني: النصب على الردّ الى الهاء والميم من قوله يُعَلِّمُهُمُ أي ويعلم آخرين منهم أي من المؤمنين الذين يدينون بدينه.
لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ أي لم يدركوهم ولكنهم يكونون بعدهم.
وأختلف العلماء فيهم فقال ابن عمرو سعيد بن جبير: هم العجم، وهي رواية ليث عن مجاهد يدلّ عليه كما
روى ثور بن يزيد عن أبي العتب عن أبي هريرة قال: لما نزلت هذه الآية وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ كلّمه فيها الناس فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على سلمان فقال: «لو كان (الدين) «١» عند الثريا لناله رجال من هؤلاء» [٢٨٧] «٢».
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا محمد بن خلف قال: حدّثنا إسحاق بن محمد قال:
حدّثنا أبي قال: حدّثنا إبراهيم بن عيسى قال: حدّثنا علي بن علي قال: حدّثني أبو حمزة الثمالي قال: حدّثني حصين بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «رأيتني تبعني غنم سود ثم أتبعتها غنم سود ثم أتبعتها غنم عفر» أوّلها أبا بكر قال: أمّا السود فالعرب، وأما العفر فالعجم تبايعك بعد العرب، قال: «كذلك عبّرها الملك سحر» [٢٨٨] «٣» يعني وقت السحر.
وبه عن أبي حمزة قال: حدّثني السدي قال: كان عبد الرحمن بن أبي ليلى إذا قال: رجل من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم فأنه يعني به عليا، وإذا قال: رجل من أهل بدر فإنما يعني به عليا، فكان أصحابه لا يسألونه عن أسمه، وقال: عكرمة ومقاتل: هم التابعون، وقال ابن زيد وابن حيان:
هم جميع من دخل في الإسلام بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم الى يوم القيامة وهي رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد.
وروى سهل بن سعد الساعدي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «وأن في أصلاب أصلاب أصلاب
(٢) صحيح مسلم: ٧/ ١٩٢.
(٣) المصنّف: ٧/ ٢٣٤، وبتفاوت في كنز العمال: ١١/ ٤٤٩، ح ٣٢١١٣. [.....]