
{وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم
صفحة رقم 129
شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون} قوله عز وجل: ﴿وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً﴾ فيهم قولان: أحدهما: أنهم الكفار الذين يستهزئون بآيات الله إذا سمعوها، قاله علي بن عيسى. والثاني: أنه ليس قوم لهم عيد يلهون فيه إلا أمة محمد ﷺ، فإن أعيادهم صلاة وتكبير وبر وخير، قاله الفراء. ﴿وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: معناه وغرتهم الحياة الدنيا بالسلامة فيها، ونيل المطلوب منها. والثاني: معناه وغرتهم الدنيا بالحياة والسلامة منها، فيكون الغرور على الوجه الأول بالحياة، وعلى الثاني بالدنيا. ﴿وَذَكَّرَ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ﴾ قيل معناه أن لا تبسل كما قال تعالى: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ﴾ [النساء: ١٧٦] بمعنى أن لا تضلوا. وفي قوله: ﴿أَن تُبْسَلَ﴾ ستة أوجه: أحدها: أن تسلم، قاله الحسن، وعكرمة، ومجاهد، والسدي. والثاني: أن تُحْبَس، قاله قتادة. والثالث: أن تُفْضح، قاله ابن عباس. والرابع: أن تُؤْخَذ بما كسبت، قاله ابن زيد. والخامس: أن تُجْزَى، قاله الكلبي. والسادس: أن تُرْتَهن، قاله الفراء، من قولهم أسد باسل لأن فريسته مُرْتَهَنَة معه لا تَفْلِت منه، ومنه قول عوف بن الأحوص الكلابي:
صفحة رقم 130
(وإبسالي بني بغير جرم | بعوناه ولا بدم مراق) |
(بَكَرت تَلُومُكَ بَعْدَ وَهْنٍ في النَّدى | بسلٌ عليكِ مَلاَمَتِي وَعِتَابي) |