آيات من القرآن الكريم

وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۚ وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا ۖ لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ

ما جَرَحْتُمْ أي ما كسبتم من الأعمال يَبْعَثُكُمْ فِيهِ أي يوقظكم من النوم، والضمير عائد على النهار لأن غالب اليقظة فيه، وغالب النوم بالليل أَجَلٌ مُسَمًّى أجل الموت حَفَظَةً جمع حافظ وهم الملائكة الكاتبون تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا أي الملائكة الذين مع ملك الموت ثُمَّ رُدُّوا خروج من الخطاب إلى الغيبة، والضمير لجميع الخلق قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ الآية: إقامة حجة، وظلمات البر والبحر: عبارة عن شدائدهما وأهوالهما كما يقال لليوم الشديد: مظلم عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قيل: الذي من فوق إمطار الحجارة، ومن تحت الخسف، وقيل: من فوقكم: تسليط أكابركم، ومن تحت أرجلكم: تسليط أسافلكم «١»، وهذا بعيد أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً أي يخلطكم فرقا مختلفين وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ بالقتال، واختلف هل الخطاب بهذه الآية للكفار أو المؤمنين؟ وروي أنه لما نزلت أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أعوذ بوجهه، فلما نزلت من تحت أرجلكم قال: أعوذ بوجهك، فلما نزلت أو يلبسكم شيعا، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: هذا أهون، فقضى الله على هذه الأمة بالفتن والقتال إلى يوم القيامة وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ الضمير عائد على القرآن، أو على الوعيد المتقدم، وقومك هم قريش لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ أي بحفيظ ومتسلط، وفي ذلك متاركة نسختها آية القتال لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ أي في غاية يعرف عندها صدقه من كذبه يَخُوضُونَ فِي آياتِنا في الاستهزاء بها والطعن فيها فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ أي قم ولا تجالسهم وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ
إما مركبة من إن الشرطية وما الزائدة، والمعنى إن أنساك الشيطان النهي عن مجالستهم، فلا تقعد بعد أن تذكر النهي
وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ الذين يتقون هم المؤمنون والضمير في حسابهم للكفار والمستهزئين، والمعنى ليس على المؤمنين شيء من حساب الكفار على استهزائهم وإضلالهم، وقيل: إن ذلك يقتضي إباحة جلوس المؤمنين مع الكافرين، لأنهم شق عليهم النهي عن ذلك إذ كانوا لا بد لهم من مخالطتهم في طلب

(١). قلت: قد تحقق هذا الوعيد بالقنابل والصواريخ من فوق وبالأنعام تحت الأرجل.

صفحة رقم 264

المعاش، وفي الطواف بالبيت وغير ذلك، ثم نسخت بآية النساء، وهي: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ [١٣٩]، الآية، وقيل: إنها لا تقتضي إباحة القعود وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فيه وجهان أحدهما أن المعنى ليس على المؤمنين حساب الكفار، ولكن عليهم تذكيرا لهم، ووعظ، وإعراب ذكرى على هذا نصب على المصدر وتقديره يذكرونهم ذكرى، أو رفع على المبتدإ تقديره عليهم ذكرى، والضمير في لعلهم عائد على الكفار: أي يذكرونهم رجاء أن يتقوا أو عائد على المؤمنين أي يذكرونهم ليكون تذكيرهم ووعظهم تقوى الله. الوجه الثاني: أن المعنى ليس نهي المؤمنين عن القعود مع الكافرين بسبب أن عليهم من حسابهم شيء، وإنما هو ذكرى للمؤمنين، وإعراب ذكرى على هذا خبر ابتداء مضمر تقديره: ولكن نهيهم ذكرى أو مفعول من أجله تقديره: إنما نهوا ذكرى، والضمير في لعلهم على هذا للمؤمنين لا غير وَذَرِ الَّذِينَ قيل إنها متاركة منسوخة بالسيف، وقيل: بل هي تهديد فلا متاركة ولا نسخ فيها اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً أي اتخذوا الدين الذي كان ينبغي لهم لعبا ولهوا لأنهم سخروا منا واتخذوا الدين الذي يعتقدونه لعبا ولهوا لأنهم لا يؤمنون بالبعث فهم يلعبون ويلهون وَذَكِّرْ بِهِ الضمير عائد على الدين أو على القرآن أَنْ تُبْسَلَ قيل: معناه أن تحبس، وقيل: تفضح، وقيل:
تهلك وهو في موضع مفعول من أجله أي ذكر به كراهة أن تبسل نفس وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ أي: وإن تعط كل فدية لا يؤخذ منها قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ الآية: إقامة حجة وتوبيخ للكفار وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا أي نرجع من الهدى إلى الضلال وأصل الرجوع على العقب في المشي، ثم استعير في المعاني، وهذه جملة معطوفة على أندعو، والهمزة فيه للإنكار والتوبيخ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ الكاف في موضع نصب على الحال من الضمير في نرد: أي كيف نرجع مشبهين من استهوته الشياطين، أو نعت لمصدر محذوف تقديره ردا كرد الذي، ومعنى استهوته الشياطين: ذهبت به في مهامه الأرض، وأخرجته عن الطريق فهو: استفعال من هوى يهوى في الأرض إذا ذهب فيها، وقال الفارسي: استهوى بمعنى: أهوى ومثل استذل بمعنى أذل حَيْرانَ أي ضال عن الطريق، وهو نصب على الحال من المفعول في استهوته لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا أي لهذا المستهوي

صفحة رقم 265
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية