
(وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا) هم الذين نهاه الله عن طردهم وهم المستضعفون من المؤمنين (فقل سلام عليكم) أمره الله بأن يقول لهم هذا القول تطييباً لخاطرهم وإكراماً لهم، والسلام والسلامة بمعنى واحد فالمعنى سلمكم الله وجاز الابتداء به وإن كان نكرة لأنه دعاء والدعاء من المسوغات، قاله السمين.
وقد كان النبي - ﷺ - بعد نزول هذه الآية إذا رآهم بدأهم بالسلام، وقيل إن هذا السلام هو من جهة الله أي: أبلغهم منا السلام، عن ماهان قال: أتى قوم النبي - ﷺ - فقالوا إنا أصبنا ذنوباً عظاماً فما رد عليهم شيئاً فانصرفوا فأنزل الله هذه الآية فدعاهم فقرأها عليهم (١). وقيل: إن الآية على إطلاقها في كل مؤمن لأن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
(كتب ربكم على نفسه الرحمة) أي أوجب ذلك إيجاب فضل وإحسان وقيل كتب ذلك في اللوح المحفوظ قيل هذا من جملة ما أمره الله سبحانه بإبلاغه إلى أولئك الذين أمره بإبلاغ السلام إليهم تبشيراً بسعة مغفرة الله
_________
(١) رواه الطبري في تفسيره ١١/ ٣٩٠/٣٩١ من طريق مجمع بن صمعان قال سمعت ماهان.
وذكره السيوطي في الدر المنثور وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد.
وماهان عابد ثقة قتله الحجاج سنة ٨٣ هجرية.

وعظم رحمته لأنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
(أنه) أي الشأن (من عمل منكم سوءاً بجهالة) قيل المعنى أنه فعل فعل الجاهلين لأن من عمل ما يؤدي إلى الضرر في العاقبة مع علمه بذلك أو ظنه فقد فعل فِعْلَ أهل الجهل والسفه لا فعل أهل الحكمة والتدبير، وقيل المعنى أنه عمل ذلك وهو جاهل لما يتعلق به من المضرة والعقاب وما فاته من الثواب فتكون فائدة التقييد بالجهالة الإيذان بأن المؤمن لا يباشر ما يعلم أنه يؤدي إلى الضرر، قال مجاهد: كل من عمل ذنباً أو خطيئة فهو بها جاهل.
(ثم تاب من بعده) أي من بعد عمله وارتكابه ذلك السوء (وأصلح) ما أفسده بالمعصية في المستقبل فراجع بالصواب وأخلص التوبة وعمل الطاعة (فإنه) أي فأمره أو فله أن الله (غفور رحيم) واختار الأول سيبويه والثاني أبو حاتم.