آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۖ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۖ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄ

ضعاف الناس كبلال وصهيب من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم: أهؤلاء الصعاليك من العبيد والموالي والفقراء والمساكين خصهم الله بهذه النعمة من جملتنا ومجموعنا كيف ذلك؟ إن هذا لا يكون لأنا نحن المفضلون عند الله بما آتانا من قوة وبسطة في العيش وثروة وجاه.
فلو كان هذا الدين خيرا لوفقنا الله إليه وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ [الأحقاف ١١] فهم يقيسون التوفيق على مظاهر الدنيا الكاذبة.
يا عجبا كل العجب... أليس الله بأعلم بالشاكرين؟؟ الذين يستحقون النعم بسبب شكرهم لله وقيامهم بالواجب عليهم لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [سورة إبراهيم آية ٧].
من مظاهر رحمته بخلقه [سورة الأنعام (٦) : الآيات ٥٤ الى ٥٥]
وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٤) وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (٥٥)
المفردات:
سَلامٌ عَلَيْكُمْ السلام: السلامة من العيوب والآفات، وهو الأمان، والتحية والقبول، وهو من أسمائه- سبحانه وتعالى-. كَتَبَ: فرض وأوجب.
بِجَهالَةٍ الجهالة: السفه والخفة التي تقابل الحكمة والعقل. وَلِتَسْتَبِينَ:
تتضح وتظهر.
أراد الله- سبحانه وتعالى- أن يكرم المسلمين جميعا شريفهم ووضيعهم وأن يتقبلهم النبي صلّى الله عليه وسلّم بالقبول والسلام والأمان.

صفحة رقم 616

المعنى:
وإذا جاءك يا محمد الذين يؤمنون بآياتنا ويصدقون بها تصديقا مصحوبا بالعمل الطيب فقل لهم: سلام عليكم، وأمنة لكم من أن يعاقبكم ربكم على ذنب تبتم عنه ورجعتم بعده إليه.
قل لهم يا محمد: سلام الله عليكم وإكرامه لكم، قد فرض على ذاته الكريمة الرحمة بعباده فهو واسع الفضل والمغفرة كبير العفو والرحمة، وفيما منحنا الله من الخلق السوى والغرائز، ونعمة السمع والبصر والفؤاد والعقل وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ «١» وفيما خلق لنا مما في الأرض جميعا، وما آتانا من العلوم الكسبية التي بها ذللنا الطبيعة: الدليل على تمام رحمته وكمال نعمته وأنه الرحمن الرحيم بخلقه وعباده، ثم بين الله أصلا من أصول الدين في الرحمة بعباده فقال: إنه من عمل منكم أيها المؤمنون عملا سيئا يتنافى مع الدين والخلق حالة كونه متلبسا بجهالة دفعته إلى ذلك السوء، كغضب شديد أو شهوة جامحة ثم تاب ورجع إلى الله فإن الله يتوب عليه.
وقيل: من عمل منكم سوءا وهو جاهل بما يتعلق به من المكروه والضرر، ثم تاب من بعده من قريب بمعنى أنه أنب نفسه، ولم يستمر على عزمه السيئ، بل ثابت نفسه إلى رشدها، وأدركت أن الشيطان مسها، فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب، وأصلح نفسه بالعمل الطيب دليلا على صدقه وخروج نفسه من حيز الشر والضلال إلى دائرة النور والعرفان بالذات الأقدس.
إذا كان هذا فاعلموا أنه غفور رحيم يقبل التوبة من عباده، ويعفو عن السيئات، وقد شرطوا في التوبة الصادقة الندم الحقيقي، والعزم على عدم الرجوع، ورد المظالم إلى أهلها وإتباعها بالعمل الصالح.
مثل ذلك التفصيل المحكم المبين لأحكام الدين وأصوله نفصل الآيات كلها ليهتدى بها أولو العقل الرشيد والفكر السليم وليستبين ويظهر طريق المجرمين حيث وضح طريق الصالحين.

(١) سورة الذاريات آية ٢١.

صفحة رقم 617
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية