آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۖ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۖ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ

وقوله تعالى: يُرِيدُونَ وَجْهَهُ قلتُ: قال الغَزَّالِيُّ في «الجَوَاهر» : النيةُ والعَمَلُ بهما تمامُ العبادةِ، فالنِّيَّة أحد جُزْأيِ العبَادةِ، لكنها خير الجزأَيْن، ومعنى النيَّة إرادةُ وَجْه اللَّه سبحانه بالعَمَلِ، قال اللَّه تعالى: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ، ومعنى إخلاصها تصفيةُ الباعِثِ عن الشوائِبِ، ثم قال الغَزَّالِيُّ: وإذا عرفْتَ فَضْل النية، وأنَّها تحلُّ حَدَقَةَ المقْصود، فاجتهد أنْ تستكثر مِنَ النِّيَّة في جميع أعمالِكَ حتى تنوي بعملٍ واحدٍ نيَّاتٍ كثيرة، ولو صَدَقَتْ رغبتُكَ، لَهُدِيتَ لطريقِ رشدك. انتهى.
وقوله سبحانه: مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ، قال الحَسَنُ والجمهورُ: أيْ: مِنْ حسابِ عملهم، والمعنى: أنك لم تُكَلَّفْ شيئاً غيْرَ دعائهم «١»، وقوله: فَتَطْرُدَهُمْ: هو جوابُ النفْيِ في قوله: مَا عَلَيْكَ، وقوله: فَتَكُونَ: جوابُ النهْيِ في قوله: وَلا تَطْرُدِ.
وفَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، أي: ابتلينا، ولِيَقُولُوا: معناه: ليصيرَ بحُكْم القَدَرِ أمرُهُمْ إلى أن يقولُوا على جهة الاِستخْفَافِ والهُزْء: أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا، فاللامُ في لِيَقُولُوا: لامُ الصَّيْرورة.
وقوله سبحانه: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ، أي: يا أيّها المستخفُّون، ليس الأمر أمر استخفاف، فاللَّه أعلَمُ بمن يشكر نعمه.
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٥٤ الى ٥٧]
وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٤) وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (٥٥) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (٥٦) قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ (٥٧)
وقوله سبحانه: وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ... الآية: قال جمهور المفسِّرين: هؤلاءِ هم الذينَ نَهَى اللَّهُ عَنْ طردهم، وشَفَعَ ذلك بِأنْ أَمَرَ سبحانه أنْ يسلِّم النبيُّ- عليه السلام- عليهم، ويُؤْنِسَهُمْ، قال خَبَّابُ بْنُ الأَرَتَّ: لما نزلَتْ: وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا... الآية، فكنّا نأتي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فيقولُ لنا: سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ، ونقعُدُ معه، فإذا أراد أنْ يقوم، قَامَ، وتركَنا، فأنزل اللَّه تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ

(١) ذكره ابن عطية (٢/ ٢٩٦).

صفحة رقم 468

يَدْعُونَ رَبَّهُمْ... «١» [الكهف: ٢٨] الآية، فكان يَقْعُدُ معنا، فإذا بَلَغَ الوقْتَ الذي يقوم فيه، قمنا وتركناه، حتّى يقوم، وسَلامٌ عَلَيْكُمْ: ابتداءٌ، والتقديرُ: سَلاَمٌ ثابتٌ أو واجبٌ عليكم، والمعنَى: أمَنَةً لكُمْ مِنْ عذاب اللَّه في الدنيا والآخرة، ولفظه لفظُ الخَبَر، وهو في معنى الدُّعَاء، قال الفَخْر «٢» قوله تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ: النّفس هاهنا:
بمعنى الذَّات، والحقيقةِ، لا بمعنى الجِسْمِ، واللَّهُ تعالى مقدَّس عنه. انتهى.
قلتُ: قالَ ابْنُ العَرَبِيِّ في كتاب «تفسير الأَفْعَال الواقعة في القُرآن» : قوله تعالى:
كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، قال علماؤنا: كَتَبَ: معناه أَوْجَبَ، وعندي أنه كتب حقيقة، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنَّ اللَّهَ خَلَقَ القَلَمَ، فَقَالَ لَهُ: اكتب، فَكَتَبَ مَا يَكُونُ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ» «٣». انتهى.

(١) ذكره ابن عطية (٢/ ٢٩٦).
(٢) ينظر: «مفاتيح الغيب» (١٣/ ٤).
(٣) ورد ذلك في حديث عبادة بن الصامت، وابن عباس، وابن عمر، وأبي هريرة.
فأما حديث عبادة فرواه أبو داود (٢/ ٦٣٧- ٦٣٨) في السنة، باب في القدر (٤٧٠٠)، والترمذي (٤/ ٣٩٨) في القدر، باب (١٧) (٢١٥٥) وأحمد (٥/ ٣١٧)، والبخاري في «التاريخ» (٦/ ٩٢)، وابن أبي عاصم في «السنة» (١٠٢- ١٠٥)، والبيهقي في «السنن» (١٠/ ٢٠٤)، من طرق عنه به مرفوعا، وكذا رواه الطبري (١٢/ ١٧٧) (٣٤٥٤٣، ٣٤٥٤٨).
وقال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
وأما حديث ابن عباس فروي مرفوعا أو موقوفا.
فأما المرفوع فرواه أبو يعلى (٢٣٢٩)، والبيهقي في «السنن» (٩/ ٣)، وفي «الأسماء والصفات» ص (٣٧٨) من طريق عبد الله بن المبارك قال: «أخبرنا رباح بن زيد، عن عمرو بن حبيب، عن القاسم بن أبي بزة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعا». إن أول شيء خلقه الله القلم، وأمره فكتب كل شيء.
وكذا رواه الطبري (٣٤٥٤٤).
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (١١/ ٤٣٣) (١٢٢٢٧) عن مؤمل بن إسماعيل، ثنا حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن ابن عباس مرفوعا «إن أول ما خلق الله تعالى القلم والحوت قال: ما أكتب؟ قال: كل شيء كان إلى يوم القيامة» ثم قرأ ن وَالْقَلَمِ [القلم: ١] فالنون: الحوت. والقلم: القلم.
وقال الطبراني: لم يرفعه عن حماد بن زيد إلا مؤمل بن إسماعيل.
وقال في «المجمع» (٧/ ١٣١) ومؤمل ثقة كثير الخطأ، وقد وثقه ابن معين وغيره، وضعفه البخاري، وبقية رجاله ثقات.
وأما الموقوف فرواه الطبري (٣٤٥٢٨، ٣٤٥٣٠، ٣٤٥٣١) وابن منده في «التوحيد» (١/ ٩٤، ١٩٢) برقم (١٥، ٦٥)، وأبو الشيخ في «العظمة» (٨٩٧)، والحاكم في «المستدرك» (٢/ ٤٩٨)، والبيهقي في-

صفحة رقم 469

وقرأ عاصمٌ «١»، وابنُ عَامِرٍ أنَّهُ- بفَتْحِ الهَمْزةِ في الأولى- والثانيةِ «فأنَّهُ» : الأولى بدلٌ من الرَّحْمَةَ، و «أنّه» الثانية: خبر ابتداء مضمر، تقديره: فأمره أنّه عفور رحيمٌ، هذا مذْهَبُ سيبَوَيْه، وقرأ ابنُ كَثِيرٍ، وأبو عَمْرٍو، وحمزة، والكسائي «إنَّهُ» - بكسر الهمزة في الأولى والثانية-، وقرأ نافعٌ بفَتْح الأولى وكَسْر الثانية، والجهالةُ في هذا الموضِعِ: تعمُّ التي تُضَادُّ العِلْمَ، والتي تُشَبَّه بها وذلك أنَّ المتعمِّد لفعْلِ الشيء الذي قَدْ نُهِيَ عنه تسمى معصيته تِلْكَ جِهَالَةً، قال مجاهدٌ: مِنَ الجهالةِ ألاَّ يعلم حَلاَلاً مِنْ حرامٍ «٢»، ومن جهالته أنْ يركِّب الأمر.
قُلْتُ: أيْ: يتعمَّده، ومن الجهالة الَّتي لا تُضَادُّ العلم قوله صلّى الله عليه وسلّم في استعاذته: «أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ» «٣» ومنها قولُ الشَّاعر: [الوافر]

أَلاَ لاَ يَجْهَلَنْ أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
«٤»
- «الأسماء والصفات» ص (٤٨١) من طرق عن الأعمش، عن أبي ظبيان عنه قال: أول ما خلق الله عز وجل القلم، فقال له: اكتب، فقال: يا رب، ما أكتب؟ قال: اكتب القدر، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة.....
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وله طرق أخرى عند الطبري (٣٤٥٣٨)، والحاكم (٢/ ٤٥٣- ٤٥٤) وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في «الدر» (٦/ ٣٨٧) وزاد نسبته لعبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه، وابن أبي حاتم، والخطيب في «تاريخه»، والضياء في «المختارة».
وأما حديث ابن عمر فرواه ابن أبي عاصم (١٠٦)، والآجري في «الشريعة» (ص ١٧٥) عن بقية، حدثني أرطاة بن المنذر، عن مجاهد بن جبير عنه مرفوعا به.
وأما حديث أبي هريرة فرواه الحكيم الترمذي كما في «الدر المنثور» (٦/ ٣٨٨).
(١) ينظر: «الدر المصون» (٣/ ٦٨)، «البحر المحيط» (٤/ ١٣٩)، «حجة القراءات» ص (٢٥١)، «النشر» (٢/ ٢٥٨)، «إتحاف فضلاء البشر» (٢/ ١٢- ١٣)، و «إعراب القراءات» (١/ ١٥٧)، و «شرح شعلة» (٣٦٢، ٣٦٣)، و «العنوان» (٩١)، و «شرح الطيبة» (٤/ ٢٥٣).
(٢) أخرجه الطبري (٥/ ٢٠٧) رقم (١٣٢٩٧) بنحوه، وذكره البغوي (٢/ ١٠٠) بنحوه، وذكره ابن عطية (٢/ ٢٩٧). [.....]
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) البيت لعمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب من بني تغلب أبو الأسود، وهو من معلقته المشهورة.
ومعناه: نهلكه ونعاقبه بما هو أعظم من جهله، فنسب الجهل إلى نفسه، وهو يريد الإهلاك والمعاقبة ليزدوج اللفظتان، فتكون الثانية على مثل لفظة الأولى، وهي تخالفها في المعنى لأن ذلك أخف عن اللسان وأحضر من اختلافهما.
ينظر: «شرح القصائد العشر» للتبريزي (٢٨٨)، وينظر «البحر المحيط» (١/ ١٨٦)، و «الدر المصون» (١/ ١٢٦).

صفحة رقم 470

قال الفخْر «١» : قال الحَسَنُ: كُلُّ مَنْ عَمِلَ معصيةً، فهو جاهلٌ، فقيل: المعنى أنه جاهلٌ بمقدارِ ما فاتَهُ منَ الثَّواب، وما استحقه من العقابِ، قلْتُ: وأيضاً فهو جاهلٌ بقَدْر مَنْ عصاه. انتهى.
والإشارةُ بقوله تعالى: وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ، إلى ما تقدَّم من النهْيِ عن طَرْدِ المؤمنين، وبَيَانِ فَسَادِ مَنْزَعِ العارضين لذلك، وتفضيل الآياتِ: تبيينُها وشَرْحُها وإظهارُها، قلْتُ: ومما يناسِبُ هذا المَحَلَّ ذِكْرُ شيء ممَّا ورد في فَضْلِ المُصَافَحَة، وقد أسند أبُو عُمَر في «التمهيد»، عن عبد الرحْمَنِ بْنِ الأسود «٢»، عن أَبِيهِ وعلقمة أنهما قَالاَ: «مَنْ تَمَامِ التَّحِيَّةِ المُصَافَحَةُ»، وروى مالكٌ في «الموطإ»، عن عطاءٍ الخراسانيّ، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «تَصَافَحُوا يَذْهَبُ الغِلُّ، وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا، وَتَذْهَب «٣» الشَّحْنَاءُ»، قال أبو عمر في «التمهيد» : هذا الحديث يتَّصلُ مِنْ وجوه شتى حِسَانٍ كلُّها، ثم أسند أبو عُمَر من طريقِ أبي دَاوُد وغَيْره، عن البَرَاءِ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ، فَيَتَصَافَحَانِ إلاَّ غُفِرَ لهما قبل أن يتفرّقا» «٤»، ثم أسند أبو عُمَرَ عن البَرَاء بنِ عازب، قال:
«لقيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنْ كُنْتُ لأحْسِبُ أَنَّ المُصَافَحَةَ لِلْعَجَمِ فَقَالَ: نَحْنُ أَحَقُّ بِالمُصَافَحَةِ مِنْهُمْ مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ، فَيَأْخُذُ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ مَوَدَّةً بَيْنَهُمَا، ونَصِيحَةً، إلاَّ أُلْقِيَتْ ذُنُوبُهُمَا بَيْنَهُمَا» «٥»، وأسند أبو عُمَرَ عن عمر بْنِ الخَطَّابِ، قال: قَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذَا التقى المُسْلِمَانِ، فَتَصَافَحَا، أنْزَلَ اللَّهُ عَلَيهِمَا مِائَةَ رَحْمَةٍ تِسْعُونَ مِنْهَا لِلَّذِي بَدَأَ بِالمُصَافَحَةِ، وَعَشَرَةٌ لِلَّذِي صُوفِحَ، وَكَانَ أَحَبَّهُمَا إلَى اللَّهِ أحسنهما بشرا بصاحبه» «٦». انتهى.

(١) ينظر: «مفاتيح الغيب» (١٣/ ٥).
(٢) عبد الرّحمن بن الأسود بن يزيد النّخعي أبو حفص الفقيه. عن أبيه وعائشة. وعنه: الأعمش، وأبو إسحاق الشّيباني. وثقه ابن معين. حج ثمانين حجة، واعتمر ثمانين عمرة. مات سنة ثمان وتسعين.
ينظر: «الخلاصة» (٢/ ١٢٥).
(٣) أخرجه مالك في «الموطأ» (٢/ ٩٠٨) كتاب «حسن الخلق»، باب ما جاء في المهاجرة، حديث (١٦) عن عطاء مرسلا.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) ذكره الهندي في «كنز العمال» (٩/ ١٣٤- ١٣٥) رقم (٢٥٣٦٨)، وعزاه للروياني، وابن أبي الدنيا في كتاب «الإخوان»، والضياء المقدسي في «المختارة».
(٦) ذكره الهندي في «كنز العمال» (٩/ ١١٤) رقم (٢٥٢٤٥)، وعزاه للحكيم الترمذي، وأبي الشيخ عن عمر.

صفحة رقم 471

وقد ذكرنا/ طَرَفاً مِنْ آدَابِ المُصَافحة فِي غَيْرِ هذا الموضعِ، فَقِفْ عليه، واعمل به، تَرْشَدْ، فإنَّ العلْم إنما يرادُ للعَمَل، وباللَّه التوفيق.
وخُصَّ سبيلُ المُجْرمينَ بالذِّكْر لأنهم الذين آثَرُوا ما تقدَّم من الأقوال، وهو أهَمُّ في هذا الموضِعِ لأنها آياتُ رَدٍّ علَيْهم.
وأيضاً: فتَبْيِينُ سَبِيلِهِمْ يتضمَّن بيانَ سَبِيلِ المُؤْمنين، وتَأوَّلَ ابنُ زَيْد أنَّ قوله:
الْمُجْرِمِينَ مَعْنِيٌّ به الآمِرُونَ بطَرْد الضَّعَفَةِ «١».
وقوله سبحانه: قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ... الآية: أَمَرَ اللَّهُ سبحانه نَبيَّه- عليه السلام- أنْ يجاهرهم بالتبرّي ممّا هم فيه، وتَدْعُونَ: معناه تعبدون، ويْحْتَمَلُ أنْ يريدَ: تَدْعُونَ في أموركُمْ، وذلك مِنْ معنى العبَادةِ، واعتقادهم الأصنامَ آلهة.
وقوله تعالى: قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي: المعنى: قل إني على أمْر بيِّن، وَكَذَّبْتُمْ بِهِ، الضمير في «بِهِ» عائدٌ على «بَيِّن»، أو علَى الرَّبِّ، وقيل: على القُرآن، وهو جليٌّ، وقال بعضُ المفسِّرين: الضميرُ في «به» الثانِي عائدٌ على «مَا»، والمُرَادُ بها الآياتُ المقْتَرَحَةُ على ما قال بعض المفسِّرين، وقيل: المرادُ به العذابُ، وهو يترجَّح من وجْهَيْن:
أحدهما: مِنْ جهة المعنى وذلك أنَّ قوله: وَكَذَّبْتُمْ بِهِ يتضمَّن أنَّكم واقعتم مَا تَسْتَوْجِبُون به العَذَابَ إلاَّ أنه ليس عنْدِي.
والآخَرُ: مِنْ جهة لَفْظِ الاستعجالِ الذي لَمْ يأت في القُرآن إلاَّ للعذابِ.
وأما اقتراحهم للآيَاتِ، فَلمْ يكُنْ باستعجال.
وقوله: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ، أي: القضاء والإنفاذ، ويَقُصُّ الْحَقَّ، أيْ: يخبر به والمعنى: يقُصُّ القَصَص الحَقَّ، وقرأ حمزةُ «٢» والكِسَائيُّ وغيرهما: «يَقْضِي الحَقَّ»، أي: ينفذه.

(١) أخرجه الطبري (٥/ ٢٠٧) رقم (١٣٣٠٢) بنحوه، وذكره ابن عطية (٢/ ٢٩٨)، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٢٧)، وعزاه لابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن زيد بنحوه.
(٢) ينظر: «الدر المصون» (٣/ ٧٧)، «البحر المحيط» (٤/ ١٤٥)، «حجة القراءات» ص (٢٥٤)، «النشر» (٢/ ٢٥٨)، «إتحاف فضلاء البشر» (٢/ ١٤)، «الكشاف» (٢/ ٣٠)، و «الحجة» (٣/ ٣١٨)، و «السبعة» (٢٥٩)، و «إعراب القراءات» (١/ ١٥٩)، و «معاني القراءات» (١/ ٣٥٩)، و «شرح الطيبة» (٤/ ٢٥٤)، و «شرح شعلة» (٣٦٣)، و «العنوان» (٩١).

صفحة رقم 472
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية