
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ﴾ وذلك أنَّ أهلَ مكَّةَ كانوا يستحلُّون أكلَ الميتةِ، ويَدعُونَ المسلمين إلى أكلِها، وكانوا يقولون: إنَّما ذلك ذبحُ اللهِ؛ فهو أحَلُّ مِمَّا ذبحتُم أنتم بسكاكينكُم، فأنزلَ اللهُ تعالى هذه الآيةَ. ومعناها: إن تُطِعْ - يا مُحَمَّد - أكثرَ مَن في الأرض يصرفونَكَ عن دِيْنِ الله، وإنَّما قال: ﴿ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ ﴾ لأن أكثرهَم كفَّار ضُلاَّلٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ ﴾؛ معناه: إن أكثرُهم يتَّبعونَ أكَابرَهُمْ بالشَّكِّ؛ يتبعونهم فيما يعملون " ويظنون " أنَّهم على الحق، وإنَّما يعذبون على هذا الظنِّ؛ لأنَّهم اقْتَصَرُوا على الظَّنِّ والجهلِ واتَّبَعُوا أهواءَهم.
﴿ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ﴾؛ أي ما هم إلا يَكْذِبُونَ في قولِهم: ما قَتَلَ اللهُ أحقُّ أن تأكلوهُ مِمَّا قَتَلْتُمْ بسكاكينِكم. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ ﴾؛ أي عن دِيْنِ الإسلامِ وشرائعهِ؛ ﴿ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ ﴾؛ بمُحَمَّدٍ والإسلامِ، وإنَّما قال: ﴿ أَعْلَمُ ﴾ لأنَّ الله تعالى يعلمُ الشيءَ من كلِّ جهاتهِ، وغيرُه يعلمُ الشيءَ من بَعْضِ جهاتهِ.