
شرح الكلمات:
أبتغي: أطلب.
حكماً: الحكم الحاكم ومن يتحاكم إليه الناس.
أنزل إليكم الكتاب: أي أنزله لأجلكم لتهتدوا به فتكْمُلُوا عليه وتسعدوا.
مفصلاً: مبيناً لا خفاء فيه ولا غموض.
والذين آتيناهم الكتاب: أي علماء اليهود والنصارى.
الممترين: الشاكين، إذ الامتراء الشك.
صدقاً وعدلاً: صدقاً في الأخبار فكل ما أخبر به القرآن هو صدق، وعدلاً في الأحكام فليس في القرآن حكم جور وظلم أبداً بل كل أحكامه عادلة.
لا مبدل لكلماته: أي لا مغير لها لا بالزيادة والنقصان، ولا بالتقديم والتأخير.
السميع العليم: السميع لأقوال العباد العليم بأعمالهم ونياتهم وسيجزيهم بذلك.
سبيل الله: الإسلام إذ هو المفضي بالمسلم إلى رضوان الله تعالى والكرامة في جواره.
يخرصون: يكذبون الكذب الناتج عن الحزر والتخمين.
من يضل: بمن يضل.
بالمهتدين: في سيرهم إلى رضوان الله باتباع الإسلام الذي هو سبيل الله.
معنى الآيات:
ما زال السياق مع العادلين بربهم الأصنام والأوثان لقد كان المراد في طلبهم الآية الحكم بها على صحة دعوة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نبي الله وأن القران كلام الله وأنه لا إله إلا الله، ولم يكن هذا منهم إلا من قبيل ما توسوس به الشياطين لهم وتزينه لهم تغريراً بهم وليواصلوا ذنوبهم فلا يؤمنون ولا يتوبون، ومن هنا أنزل تعال قوله: ﴿أفغير الله أبتغي١ حكماً﴾. وهو تعليم لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقوله للمشركين أأميل إلى باطلكم وأقتنع به فغير الله أطلب حكماً بيني

وبينكم في دعواكم أني غير رسول وأن ما جئت به ليس وحياً من الله؟ ينكر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحكيم غير ربه تعالى وعلى ماذا يكون الحكم والله هو الذي أنزل إليهم الكتاب مفصلاً فأي آية تغلب القرآن وهو آلاف الآيات هذا أولاً وثانياً هل الكتاب من قبلهم وهم علماء اليهود والنصارى مقرون ومعترفون بأن ما ينفيه المشركون هو حق لا مرية فيه إذاً فامض أيها الرسول في طريق دعوتك: لا تكونن لسن الممترين فإنك عما قريب تظهر على المشركين، لقد تمت كلمة١ ربك أي في هذا القرآن الذي أوحي إليك صدقاً في كل ما تحمله من أخبار ومن ذلك نصرك وهزيمة أعدائك، وعدلاً في أحكامها التي تحملها، ولا يستطيع أحد تبديلها بتغيير٢ لها بإخلاف وعدٍ ولا بإبطال حكم، وربك هو السميع لأقوال عباده العليم بمقاصدهم وأفعالهم فما أقدره وأضعفهم فلذا لن يكون إلا مراده ويبطل جميع إراداتهم. واعلم يا رسولنا أنك ﴿إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله﴾ أي لو أنك تسمع لهم وتأخذ بآرائهم وتستجيب لاقتراحاتهم لأضلوك قطعاً عن سبيل الله، والعلة أن أكثرهم لا بصيرة له ولا علم حق لديه وكل ما يقولونه هو هوى نفس، وَوسواس شيطان. إنهم ما يتبعون إلا أقوال الظن وما هم فيما يقولون إلا خارصون٣ كاذبون. وحسبك علم ربك بهم فإنه تعالى هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين:
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- حرمة وبطلان التحاكم إلى غير الوحي الإلهي.
٢- تقرير صحة الدعوة الإسلامية بأمرين الأول: القرآن الكريم، الثاني: شهادة أهل الكتاب ممن أسلموا كعبد الله بن سلام القرظي وأصحمة النجاشي وغيرهم.
٣- ميزة القرآن الكريم: أن أخباره كلها صدق وأحكامه كلها عدل.
٤- وعود الله تعالى لا تتخلف أبداً، ولا تتبدل بتقديم ولا تأخير.
٥- اتباع أكثر الناس يؤدي إلى الضلال فلذا لا يتبع إلا أهل العلم الراسخون فيه لقوله
٢ كما لا يستطيع أحد تبديل كلماتها وحروفها في القرآن الكريم كما بدلت التوراة والإنجيل بتحريف الكلمات وتغييرها.
٣ من هذا قيل لمن يقدر كمية التمر في النخل خراص لأنه يقول بدون علم بقيني- وإنما بالحدس والتخمين وأجازه الشارع للضرورة إليه.