
فعملت اليهود ثم قال: من يعمل من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط فعملت النصارى ثم قال من يعمل من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين ألا فعملتم ".
ثم قال: ﴿وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ﴾.
قال ابن عباس النور: القرآن واتباعهم النبي عليه السلام، وقاله ابن جبير.
وقال مجاهد: ﴿وَيَجْعَل لَّكُمْ﴾ أي: هى.
وقيل معناه: ويجعل لكم نوراً تمشون به يوم القيامة، وهو النور الذي يكون للمؤمنين يوم القيامة.
وقوله: ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ أي: يصفح عنكم ويستر ذنوبكم.
﴿والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أي: ذو مغفرة ورحمة.
قوله: ﴿لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب﴾. إلى اخر السورة.

قيل معناه ليعلم أهل الكتب، و " لا " زائدة صلة، دل على ذلك أن بعده: / ﴿وَأَنَّ الفضل بِيَدِ الله﴾.
وقد قرأ ابن عباس ليعلم. وهي قراءة الجحدري.
وقرأ ابن مسعود وابن جبير " لكي يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ "، وذلك على التفسير، والمعنى فعل ذلك، لكي يعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله الذي خصكم به لأنهم كانوا يرون أن الله فضلهم على جميع خلقه، فأعلمهم تعالى ذكره أنه قد أتى أمة محمد ﷺ من الفضل والكرامة ما لم يؤتهم من زيادة النور والمغفرة والأجر.
قال قتادة: لما نزلت [هذه الآية يعني: ﴿يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ حسد أهل الكتاب المسلمين عليها] فأنزل الله " لئلا يعلم أهل الكتاب.. [إلى آخرها، أي: فعلت ذلك لكي يعلم أهل الكتاب أنهم

لا يقدرون] على شيء من فضل الله، يؤتي فضله من يشاء ويخص به من يشاء من خلقه.
قال قتادة: ذكر أن نبي الله ﷺ كان يقول: " إنما مثلنا ومثل أهل الكتاب من قبلنا كمثل رجل استأجر أجراء يعملون إلى الليل على قيراط، فلما انتصف النهار سئموا عمله وملوا فحاسبهم وأعطاهم نصف قيراط، (ثم استأجر أجراء يعملون إلى الليل على قيراط فعملوا إلى العصر ثم سئموا وملوا عمله، فاعطاهم على قدر ذلك ثم استأجر أجراء إلى الليل على قيراطين يعملون بقية عمله فقيل له ما شأن هؤلاء أقل عملاً وأكثر أجراً؟ قال هو مالي أعطي من شئت ".
وقوله: ﴿وَأَنَّ الفضل بِيَدِ الله﴾ أي: بيده دونهم ودون غيرهم، يؤتيه من يشاء من

خلقه، فلذلك أعطى أمة محمد ﷺ من الأجر على مدتهم القريبة ما لم يعط غيرهم.
﴿والله ذُو الفضل العظيم﴾.
أي ذو الفضل على خلقه، العظيم فضله.
وقيل أنهم قالوا: الأنبياء منا، كفروا بعيسى وبمحمد ﷺ فأعلم الله خلقه أن الفضل بيده يؤتيه من يشاء، وليس فضله بموقوف على بني إسرائيل دون غيرهم فلا يرسل رسولاً إلا منها يرسل الرسول ممن يشاء على من يشاء، وإلى من يشاء، يفعل ما يشاء ويتفضل على من يشاء لا إله إلا هو.