آيات من القرآن الكريم

لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ

- ١ - سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
- ٢ - لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
- ٣ - هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يُسَبِّحُ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، أَيْ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتَاتِ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الأُخْرَى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ، وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ
وَلَكِنْ لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً﴾
وقوله تعالى ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ أَيِ الَّذِي قَدْ خَضَعَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ، ﴿الْحَكِيمُ﴾ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ وَشَرْعِهِ، ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ أَيْ هُوَ الْمَالِكُ الْمُتَصَرِّفُ فِي خَلْقِهِ، فَيُحْيِي وَيُمِيتُ، ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أَيْ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وقوله تعالى: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾ وَهَذِهِ الْآيَةُ هِيَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا فِي حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سارية أنها أفضل من ألف آية، روى أبو داود، عن أبي زُمَيْلٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: مَا شَيْءٌ أَجِدُهُ فِي صَدْرِي؟ قَالَ: مَا هُوَ؟ قُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَتَكَلَّمُ بِهِ. قَالَ، فَقَالَ لِي: أَشَيْءٌ مِنْ شَكٍّ؟ قَالَ، وَضَحِكَ، قَالَ: مَا نَجَا مِنْ ذَلِكَ أَحَدٌ، قَالَ: حَتَّى أنزل الله تعالى: ﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الذين يقرأون الكتاب مِن قَبْلِكَ﴾ الآية، قَالَ، وَقَالَ لِي: إِذَا وَجَدْتَ فِي نَفْسِكَ شَيْئًا فَقُلْ: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شيء عليم﴾ (أخرجه أبو داود)، وَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ المفسِّرين فِي هَذِهِ الْآيَةِ،

صفحة رقم 443

وَأَقْوَالُهُمْ عَلَى نحوٍ مِنْ بِضْعَةَ عَشَرَ قَوْلًا، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ، قَالَ يَحْيَى: الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَالْبَاطِنُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، روى الإمام أحمد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو عِنْدَ النَّوْمِ: «اللَّهُمَّ رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، ربنا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخذ بناصيته، أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عنا الدين، وأغننا من الفقر» (وأخرجه مسلم بلفظ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثم يقول: اللهم رب السماوات... الخ). وعن عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِفِرَاشِهِ، فَيُفْرَشُ لَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، فَإِذَا أَوَى إِلَيْهِ تَوَسَّدَ كَفَّهُ الْيُمْنَى ثُمَّ هَمَسَ، مَا يُدْرَى مَا يَقُولُ، فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ رَفَعَ صَوْتَهُ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ العظيم، إله كُلِّ شَيْءٍ وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ الَّذِي لَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عنا الدين، وأغننا من الفقر» (أخرجه الحافظ أبو يعلى الموصلي).
وروى الترمذي، عن أبي هريرة قال: بينما نبي اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَأَصْحَابُهُ إِذْ أَتَى عَلَيْهِمْ سَحَابٌ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «هَذَا الْعَنَانُ، هَذِهِ رَوَايَا الْأَرْضِ تَسُوقُهُ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْكُرُونَهُ وَلَا يَدْعُونَهُ»، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْقَكُمْ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قال: «فإنها الرفيع سَقْفٌ مَحْفُوظٌ وَمَوْجٌ مَكْفُوفٌ»، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ»، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّ فَوْقَ ذَلِكَ سَمَاءٌ بُعْدُ مَا بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ - حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ - مَا بَيْنَ كُلِّ سَمَاءَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ»، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّ فَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشَ وبينه وبين السماء مثل مَا بَيْنَ السَّمَاءَيْنِ»، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا الَّذِي تَحْتَكُمْ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّهَا الْأَرْضُ»، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَا الَّذِي تَحْتَ ذَلِكَ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّ تَحْتَهَا أَرْضًا أُخْرى بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ - حَتَّى عَدَّ سَبْعَ أَرَضِينَ - بَيْنَ كُلِّ أَرْضَيْنِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ»، ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّكُمْ دليتم حبلاً إِلَى الْأَرْضِ السُّفْلَى لَهَبَطَ عَلَى اللَّهِ»، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شيء عليم﴾ (أخرجه الترمذي عن أبي هريرة مرفوعاً وقال: حديث غريب من هذا الوجه). وفسَّر بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالُوا: إِنَّمَا هَبَطَ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَعِلْمُ اللَّهِ وَقَدْرَتُهُ وَسُلْطَانُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَهُوَ عَلَى الْعَرْشِ كَمَا وَصَفَ فِي كِتَابِهِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ هَذَا الحديث بسنده، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فذكره، وعنده: «وبعد مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ مَسِيرَةُ سَبْعِمِائَةِ عَامٍ»، وَقَالَ: «لَوْ دَلَّيْتُمْ أَحَدَكُمْ بِحَبْلٍ إِلَى الْأَرْضِ السُّفْلَى السَّابِعَةِ لَهَبَطَ عَلَى اللَّهِ»،

صفحة رقم 444

ثُمَّ قَرَأَ: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ الأرض مِثْلَهُنَّ﴾ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: الْتَقَى أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَرْسَلَنِي رَبِّي عزَّ وجلَّ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَتَرَكْتُهُ ثَمّ، قَالَ الْآخَرُ: أَرْسَلَنِي رَبِّي عزَّ وجلَّ مِنَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ وَتَرَكْتُهُ ثَمّ، قَالَ الْآخَرُ: أَرْسَلَنِي رَبِّي مِنَ الْمَشْرِقِ وَتَرَكْتُهُ ثَمّ، قَالَ الْآخَرُ: أَرْسَلَنِي ربي من المغرب وتركته ثَمّ (أخرجه ابن جرير، قال ابن كثير: وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا وَقَدْ يَكُونُ الْحَدِيثُ الأول موقوفاً على قتادة كما هنا).

صفحة رقم 445
مختصر تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد علي بن الشيخ جميل الصابوني الحلبي
عدد الأجزاء
1