
ويقال: يسبح لله ما في السماوات والأرض، كلّ واقف على الباب بشاهد الطّلب...
ولكنه- سبحانه عزيز «١».
ويقال: ما تقلّب أحد من جاحد أو ساجد إلا في قبضة العزيز الواحد، فما يصرّفهم إلا من خلقهم فمن مطيع ألبسه نطاق وفاقه- وذلك فضله، ومن عاص ربطه بمثقلة الخذلان- وذلك عدله.
«وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» : العزيز: المعزّ لمن طلب الوصول، بل العزيز:
المتقدّس عن كل وصول | فما وصل من وصل إلا حظّه ونصيبه وصفته على ما يليق به. |
[سورة الحديد (٥٧) : آية ٢]
لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢)
الملك مبالغة من الملك، وهو القدرة على الإبداع، ولا مالك إلا الله. وإذا قيل لغيره:
مالك فعلى سبيل المجاز فالأحكام المتعلقة في الشريعة على ملك الناس صحيحة في الشرع، ولكنّ لفظ الملك فيها توسّع كما أن لفظ التيمم في استعمال التراب- عند عدم الماء- فى السفر مجاز، فالمسائل الشرعية في التيمم صحيحة، ولكن لفظ التيمم في ذلك مجاز.
«يُحْيِي وَيُمِيتُ» : يحيى النفوس ويميتها. ويحيى القلوب بإقباله عليها، ويميتها بإعراضه عنها.
ويقال: يحييها بنظره وتفضّله، ويميتها بقهره وتعزّزه.
قوله جل ذكره:
[سورة الحديد (٥٧) : آية ٣]
هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣)
«الْأَوَّلُ» : لاستحقاقه صفة القدم، و «الْآخِرُ» لاستحالة نعت العدم.
و «الظَّاهِرُ» بالعلو والرفعة، و «الْباطِنُ» : بالعلم والحكمة.
ويقال: «الْأَوَّلُ» فلا افتتاح لوجوده و «الْآخِرُ» فلا انقطاع لثبوته.
«الظَّاهِرُ» فلا خفاء في جلال عزّه، «الْباطِنُ» فلا سبيل إلى إدراك حقّه.
ويقال «الْأَوَّلُ» بلا ابتداء، و «الْآخِرُ» بلا انتهاء، و «الظَّاهِرُ» بلا خفاء، و «الْباطِنُ» بنعت العلاء وعزّ الكبرياء.

ويقال «الْأَوَّلُ» بالعناية، و «الْآخِرُ» بالهداية، و «الظَّاهِرُ» بالرعاية، و «الْباطِنُ» بالولاية.
ويقال: «الْأَوَّلُ» بالخلق، و «الْآخِرُ» بالرزق، و «الظَّاهِرُ» بالإحياء، و «الْباطِنُ» بالإماتة والإفناء.
قال تعالى: «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ» «١».
ويقال: «الْأَوَّلُ» لا بزمان، و «الْآخِرُ» لا بأوان، و «الظَّاهِرُ» بلا اقتراب، و «الْباطِنُ» بلا احتجاب.
ويقال: «الْأَوَّلُ» بالوصلة، و «الْآخِرُ» بالخلّة، و «الظَّاهِرُ» بالأدلة، و «الْباطِنُ» بالبعد «٢» عن مشابهة الجملة «٣».
ويقال: «الْأَوَّلُ» بالتعريف، «وَالْآخِرُ» بالتكليف، «وَالظَّاهِرُ» بالتشريف «وَالْباطِنُ» بالتخفيف «٤» ويقال: «الْأَوَّلُ» بالإعلام، «وَالْآخِرُ» بالإلزام، «وَالظَّاهِرُ» بالإنعام «وَالْباطِنُ» بالإكرام.
ويقال: «الْأَوَّلُ» بأن اصطفاك «وَالْآخِرُ» بأن هداك، «وَالظَّاهِرُ» بأن رعاك، «وَالْباطِنُ» بأن كفاك.
ويقال «٥» : من كان الغالب عليه اسمه «الْأَوَّلُ» كانت فكرته في حديث سابقته: بماذا سمّاه مولاه؟ وما الذي أجرى له في سابق حكمه؟ أبسعادته أم بشقائه؟.
(٢) سقط- (بالبعد) فى النسخة م وموجودة في ص
(٣) المقصود (بالجملة) هنا جملة المخلوقات. [.....]
(٤) هكذا في م وهي في ص (بالتحقيق) وهذه وإن كانت- صحيحة ألا أن السياق الموسيقى الذي جرى عليه المصنف يرجح (بالتخفيف) على معنى أنه علم ضعف عباده فلم يكلفهم فوق طاقتهم.
(٥) هذه الفقرة هامة في بيان أن الصوفية حينما يتصدون لدراسة الأسماء والصفات يهتمون بالآداب والسلوك وكيف يتخلّق الصوفي بأخلاق الله ويتأدب بأسمائه أنظر مقدمة كتاب التحبير في التذكير تحقيق بسيونى).