آيات من القرآن الكريم

إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً
ﮐﮑ ﮓﮔ ﮖﮗ ﮙﮚﮛﮜ ﮞﮟ ﮡﮢﮣ ﮥﮦ ﮨﮩ

وأخبرني ابن فنجويه، حدّثنا ابن حيان، حدّثنا ابن مروان، حدّثنا أبي، حدّثنا إبراهيم بن عيسى، حدّثنا علي بن علي قال: زعم أبو حمزة الثمالي عن الحسن مولى الحسن بن علي أن عليا قرأ: وطلع منضود.
وأنبأني عقيل، أنبأنا المعافي محمد بن جرير، حدّثنا سعيد بن يحيى، حدّثنا أبي، حدّثنا مجالد عن الحسن بن سعد عن قيس بن سعد قال: قرأ رجل عند علي رضي الله عنه وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ فقال علي: «وما شأن الطلح؟ إنما هو طلع منضود» «١» ثم قرأ «طَلْعٌ [نَضِيدٌ] منضود».
فقلت: إنها في المصحف بالحاء فلا تحوّلها؟ فقال: «إن القرآن لا يهاج [اليوم] ولا يحوّل» «٢».
والمنضود: المتراكم الذي قد نضد بأكمله من أوله إلى آخره، ليست له سوق بارزة.
قال مسروق: أشجار الجنة من عروقها إلى أغصانها ثمر كله.
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٣٠ الى ٣٧]
وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (٣١) وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤)
إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (٣٦) عُرُباً أَتْراباً (٣٧)
وَظِلٍّ مَمْدُودٍ دائم لا تسخنه الشمس.
قال الربيع: يعني ظل العرش. عمرو بن ميمون: مسيرة سبعين ألف سنة.
قال أبو عبيدة: تقول العرب للدهر الطويل والعمر الطويل، وللشيء الذي لا ينقطع:
ممدود.
قال لبيد:

غلب العزاء وكنت غير مقلب دهر طويل دائم ممدود «٣»
حدّثنا أبو محمد مهدي بن عبد الله بن القاسم بن الحسن العلوي إملاء في شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، حدّثنا أبو بكر جعفر بن محمد الحجاج حدّثني محمد بن يونس الكديمي، حدّثنا أبو عامر العقدي، حدّثنا زمعة بن صالح عن سلمة عن عكرمة عن ابن عباس في قوله وَظِلٍّ مَمْدُودٍ قال: شجرة في الجنة على ساق يخرج إليها أهل الجنة، أهل الغرف وغيرهم فيتحدثون في أصلها ويتذكر بعضهم ويشتهي بعضهم لهو الدنيا فيرسل الله عزّ وجل عليها ريحا من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا.
(١) تفسير الطبري: ٢٧/ ٢٣٤ وفيه: ثم قرأ: طلعها هضيم، فقلنا: أولا نحولها.
(٢) تفسير القرطبي: ١٧/ ٢٠٨.
(٣) تفسير القرطبي: ١٧/ ٢٠٩ وفي جامع البيان للطبري (البقاء) بدل (العزاء) : ٢٧/ ٢٣٦.

صفحة رقم 207

وأخبرني ابن فنجويه، حدّثنا محمد بن حبيش بن عمر المقرئ، حدّثنا ذكار بن الحسن، حدّثنا هناد بن السري، حدّثنا عبدة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة لا يقطعها، اقرءوا إن شئتم قول الله عزّ وجل: وَظِلٍّ مَمْدُودٍ» [١٩٠] «١».
وَماءٍ مَسْكُوبٍ مصبوب يجري دائما في غير أخدود لا ينقطع.
أخبرني الحسين، حدّثنا عبد الله بن يوسف، حدّثنا محمد بن موسى الحلواني، حدّثنا خزيمة بن أحمد الباوردي، حدّثنا إسحاق بن إسماعيل، حدّثنا الحسين بن علي الجعفي، حدّثنا مزاحم بن داود بن علبة «٢» قال: مات أخ لي وكان بارا بأمّه فرأيته فيما يرى النائم فقلت له: أي أخي إن أخاك يحب أن يعلم إلى أي شيء صرت؟
فقال لي: أنا فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ، وَظِلٍّ مَمْدُودٍ وَماءٍ مَسْكُوبٍ.
وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ بالأزمان وَلا مَمْنُوعَةٍ بالأثمان.
وقال القتيبي: لا محظور عليها كما يحظر على بساتين الدنيا. وقيل: لا تنقطع الثمرة إذا جنيت، بل تخرج مكانها مثلها.
أخبرني ابن فنجويه، حدّثنا ابن شيبة، حدّثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدّثنا محمد بن حسان الأزرق، حدّثنا ريحان بن سعيد، حدّثنا عباد بن كثير عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما قطعت من ثمار الجنة إلّا أبدل الله مكانها ضعفين» [١٩١].
وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ
أخبرنا أبو علي بن أبي عمرو الجيري الجرشي، حدّثنا أبي، حدّثنا الحسن بن هارون، حدّثنا عمار بن عبد الجبار، حدّثنا رشيد، ح «٣».
وأخبرني ابن فنجويه، حدّثنا ابن حبش، حدّثنا أبو عبد الرحمن الشائي، حدّثنا أبو كريب، حدّثنا رشد بن سعد عن عمرو بن الحرث عن دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في قوله وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ قال: «إن ارتفاعها لكما بين السماء والأرض، وإن ما بين السماء والأرض لمسيرة خمسمائة عام» [١٩٢] «٤».

(١) المصنف لعبد الرزاق: ١١/ ٤١٧، ومسند أبي الجعد: ١٧٧.
(٢) في كتب الرجال: محمد بن غلبة، تهذيب التهذيب: ١٠/ ٩٠ رقم ١٨٣.
(٣) هذا الحرف علامة توضع بين سندين للدلالة على اشتراكهما في الراوي الذي بعدها: أنظر معجم الرموز والإشارات: ١١٥- ١١٦.
(٤) تفسير الطبري: ٢٧/ ٢٤٠

صفحة رقم 208

وقال أبو امامة الباهلي: لو طرح فراش من أعلاها إلى أسفلها لم يستقر إلّا بعد سبعين خريفا.
وقال علي بن أبي طالب: مَرْفُوعَةٍ على الأسرة.
وقيل: إنه أراد بالفرش النساء، والعرب تسمي المرأة فراشا ولباسا وإزارا على الاستعارة، لأن الفرش محل للنساء مَرْفُوعَةٍ رفعن بالجمال والفضل على نساء أهل الدنيا.
ودليل هذا التأويل قوله في عقبه إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عذارى عُرُباً عرائس متحببات إلى أزواجهن. قاله الحسن وقتادة وسعيد بن جبير وهي رواية الوالبي عن ابن عباس وعكرمة عنه ملقة. وقال عكرمة: غنجة.
ابن بريدة: الشركلة بلغة مكة. والمغنوجة بلغة المدينة.
وأخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمد الحافظ، حدّثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان، حدّثنا عبيد الله بن ثابت بن أحمد، حدّثنا أبو سعيد الأشج، حدّثنا ابن يمان عن اسامة بن زيد عن أبيه عُرُباً قال: حسنات الكلام.
وأخبرني أبو عبد الله الحافظ أحمد بن محمد بن إسحاق السنيّ، حدّثنا حامد بن شعيب البلخي، حدّثنا سريج بن يونس، هشام، حدّثنا مغيرة عن عثمان عن تيم بن حزام قال: هي الحسنة التبعل وكانت العرب تقول للمرأة إذا كانت حسنة التبعل إنها لعربة واحدتها عروب.
أَتْراباً مستويات في السنّ.
عن ابن فنجويه، حدّثنا ابن شنبه، الفراتي، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «يدخل أهل الجنة الجنة مردا بيضا جعادا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين على خلق آدم، طوله ستون ذراعا في سبعة أذرع» «١» [١٩٣].
قال المفسرون: هذه صفات نساء الدنيا ومعنى قوله أَنْشَأْناهُنَّ خلقناهن بعد الخلق الأول، وبهذا جاءت الأخبار.
أخبرني الحسين، محمد بن الحسن الثقفي، حدّثنا محمد بن الحسن بن علي اليقطيني، حدّثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد العقيلي، حدّثنا صفوان بن صالح، حدّثنا الوليد بن مسلم، حدّثنا عبد العزيز بن الحصين عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على عائشة وعندها عجوز من بني عامر فقال: «من هذه العجوز عندك يا عائشة؟» قالت: إحدى خالاتي يا رسول الله فقال: «إن الجنة لا تدخلها عجوز» فبلغ ذلك من

(١) مسند أحمد: ٢/ ٣٤٣ وفيه: سبعون ذراعا، وفي لفظ له متفاوت ص ٢٩٥: ستون ذراعا.

صفحة رقم 209

العجوز كل مبلغ، فلما رجع النبي صلّى الله عليه وسلّم ذكرت له عائشة ما لقيت العجوز فقال: «إنها إذا دخلت الجنة أنشئت خلقا آخر» [١٩٤] «١».
وأخبرني الحسين، حدّثنا أبو زرعة أحمد بن الحسين بن علي الرازي، حدّثنا أبو علي الحسين بن إسماعيل الفارسي نزيل بخارى، حدّثنا عيسى بن عمرو بن [ميمون] البخاري حدّثنا المسيب بن إسحاق، حدّثنا عيسى بن موسى غنجار، حدّثنا إسماعيل بن أبي زياد عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أم سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم إنها قالت: سألت النبي صلّى الله عليه وسلّم عن قوله تعالى إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً. فقال: «يا أم سلمة، هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز شمطا عمشا رمصا جعلهن الله عزّ وجل بعد الكبر أَتْراباً على ميلاد واحد في الاستواء» [١٩٥] «٢».
وأخبرني الحسين بن محمد، حدّثنا موسى بن محمد، حدّثنا الحسن بن علوية، حدّثنا إسماعيل بن عيسى، حدّثنا المسيب بن شريك إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً.
قال: هنّ عجائز الدنيا أنشأهن الله عزّ وجل خلقا جديدا، كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا، فلما سمعت عائشة قالت: وا وجعا. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس هناك وجع» [١٩٦] «٣».
وأخبرني الحسين، حدّثنا محمد بن علي بن الحسن الصوفي أبو مسلم الكجيّ، حدّثنا حجاج، حدّثنا مبارك، حدّثنا الحسن بن أبي الحسن إن امرأة عجوزا [كبيرة] «٤» أتت النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة. قال: «يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها العجائز» فولت وهي تبكي.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أخبروها ليست يومئذ بعجوز «٥» فإن الله عزّ وجل قال إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً» [١٩٧] «٦».
وبإسناد المسيب، حدّثنا عبد الرحمن الأفريقي عن سعد بن مسعود قال: إذا دخلت الجنة نساء الدنيا فضّلن على الحور العين بصلاتهن في الدنيا.
وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن الطيب، حدّثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن

(١) مجمع الزوائد: ١٠/ ٤١٩، والشمائل المحمدية: ١٩٩ بتفاوت.
(٢) المعجم الكبير: ٢٣/ ٣٦٨، وتفسير القرطبي: ١٧/ ٢١٠.
(٣) تفسير القرطبي: ١٧/ ٢١١.
(٤) في المخطوط: كبيرا.
(٥) في المصدر زيادة: وإنها يومئذ شابة.
(٦) تفسير مجاهد: ٢/ ٦٤٨. [.....]

صفحة رقم 210
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية