
شرح الكلمات:
وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين: هذا شروع في ذكر الزوج الثاني من الأزواج الثلاثة فذكر السابقين وما أعد لهم وهذا ذكرٌ لأصحاب اليمين وما أعد لهم من نعيم مقيم.
في سدر مخضود: في شجر السدر وثمره النبق ومخضود لا شوك فيه.
وطلح منضود: أي شجر موز منضود الحمل من أعلاه إلى أسفله فليس له ساق بارزة.
وظل ممدود: أي دائم إذ لا شمس تنسخه وإن ظل شجرة في الجنة يسير الراكب فيه مائة سنة لا يقطعه.
وماء مسكوب: أي مصبوب لا يحتاج المتنعم بأن يصبه بيده بل هو سائل في غير أخدود أو أنبوب.
لا مقطوعة ولا ممنوعة: أي غير مقطوعة في زمن، ولا ممنوعة بثمن.
وفرش مرفوعة: أي على السرر العالية الرفيعة.
إنا أنشأناهن إنشاء: أي الحور العين اللائي تقدم ذكرهن في قوله وحور عين. إذ كانت الواحدة منهن في الدنيا عجوزاً شمطاء عمشاء رمصاء فأنشأها ربها إنشاء جديداً بكراً تتغنج وتتعشق عرباء تتودد لزوجها وتتحبب.
فجعلناهن أبكاراً: الواحدة بكر وهي التي لم تفتض بكارتها بعد وتسمى العذراء.
عرباً: الواحدة عروب وهي المتحببة إلى زوجها الحسنة التبعل.
أتراباً: أي مستويات في السن الواحدة يقال لها تربٌ والجمع أتراب.
لأصحاب اليمين: وهم الذين يؤخذ بهم في عرصات القيامة ذات اليمين وهم أهل الإيمان في الدنيا والعمل الصالح فيها.
ثلة من الأولين: أي من الأمم السابقة.
وثلة من الآخرين: أي من أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في عرض أحوال الآخرة وذكر ما لكل صنف من أصناف الناس الثلاثة من سابقين وأصحاب يمين وأصحاب شمال فقال تعالى ﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ١﴾ وهم الذين إذا وقفوا في عرصات القيامة أخذ بهم ذات اليمين وهم أهل الإيمان والتقوى في الدنيا وقوله تعالى: ﴿مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ٢﴾ تفخيم لشأنهم وإعلان عن كرامتهم ثم بين ذلك بقوله: ﴿فِي سِدْرٍ٣ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ٤ وَلا مَمْنُوعَةٍ، وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ﴾ إنهم في هذا النعيم الدائم المقيم إنهم يتفكهون بالنبق الذي هو أحلى من العسل وأنعم من الزبد شجره مخضود الشوك لا شوك به، ويتفكهون بالطلح أي ثمره وهو الموز، والماء المصبوب الجاري، والفاكهة الكثيرة التي لا تقطع بالفصول الزمانية كما هي الحال في فاكهة الدنيا يوجد منها في الصيف ما لا يوجد في الشتاء مثلا ولا ممنوعة بثمن غال ولا رخيص وفي فرش مرفوعة عالية علو الدرجات التي هي فيها وقوله: ﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً﴾ ٥ يعني الحور العين اللائي سبق في الآيات ذكرهن منهن من أنشأهن الله إنشاء لم يسبق لهن خلق ووجود، ومنهن نساء الدنيا فقد كانت فيهن السوداء والعمشاء والرمصاء والعجوز فيعيد تعالى إنشاءهن فيجعلهن من بين الحور العين كأنهن اللؤلؤ المكنون، وقوله ﴿فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً﴾ عذارى لم يمسهن قبل أزواجهن إنس ولا جان عربا أتراباً العروب٦ هي المتحببة إلى زوجها العاشقة له المتغنجة والأتراب المتساويات في السن، وترب٧ الإنسان من ولد معه في وقت واحد فمس جلده التراب مع مس التراب جلدك وقوله لأصحاب اليمين أي أنشأ هؤلاء الحور العين لأجل أصحاب اليمين ليستمتعوا بهن. وقوله ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ﴾ أي من الأمم الماضية ﴿وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾ أي من هذه الأمة المسلمة اللهم اجعلنا منهم واحشرنا في زمرتهم وأدخلنا الجنة معهم.
٢ الإخبار ب (ما أصحاب اليمين) : فيه من التفخيم ما فيه!!
٣ خبر محذوف المبتدأ تقديره: هم في سدر.
٤ لا مقطوعة ولا ممنوعة: هذا وصف للفاكهة، والنفي هنا أثبت من الإثبات لأنه بمنزلة وصف وتوكيد.
٥ لما ذكر الفرش قد يخطر بالبال هل هناك نساء يكن بصحبة أهلها؟ فأجيب بقولي: ﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ﴾ أي: الحور العين ﴿إِنْشَاءً﴾ فكانت الجملة مستأنفة استأنفاً بيانياً، وضمير المؤنث (أنشأناهن) عائد إلى غير مذكور في الكلام لكنه ملحوظ في الأفهام.
٦ العرب: جمع عروب، ويقال: عربة ويجمع على عربات، وهذا اسم خاص بالمرأة المتحببة إلى زوجها كما في التفسير.
٧ الأتراب: جمع ترب وهي المرأة التي تساوى سنها سن من تضاف إليه من النساء، وقيل: إن الترب خاص بالمرأة، وأما المساواة في السن من الرجال فيقال له قرن، ولدة.