آيات من القرآن الكريم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ۚ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ۚ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا ۘ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ

قَوْله - تَعَالَى -: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحلوا شَعَائِر الله﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الشعائر الْهَدَايَا المشعرة، وَهِي المعلمة بالإشعار، وَكَانُوا (ينخسون) شَيْئا فِي سَنَام الْبَعِير حَتَّى يتطلخ بِالدَّمِ، فَذَلِك إِشْعَار الْهدى، وَهُوَ سنة، وَقَالَ مُجَاهِد: أَرَادَ بالشعائر

صفحة رقم 6

﴿شَعَائِر الله وَلَا الشَّهْر الْحَرَام وَلَا الْهَدْي وَلَا القلائد وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام يَبْتَغُونَ﴾ مشاعر الْحرم من الصَّفَا والمروة وَغَيرهمَا، وَالْمرَاد بِهِ النَّهْي عَن الْقَتْل فِي الْحرم.
﴿وَلَا الشَّهْر الْحَرَام﴾ قَالَ عِكْرِمَة: أَرَادَ بِهِ: ذَا الْقعدَة، وَقَالَ غَيره: رَجَب، وَقيل: هُوَ عبارَة عَن جَمِيع الْأَشْهر الْحرم، وَقَوله: ﴿وَلَا الْهَدْي وَلَا القلائد﴾ فالهدي: جمع الْهَدِيَّة، وَالْمرَاد بِهِ: إبل الْهَدْي، وَأما القلائد: هِيَ الْإِبِل المقلدة، وَكَانُوا يقلدون إبل الْهَدْي، وَقَالَ عَطاء: أَرَادَ بِهِ: أَصْحَاب القلائد، وَكَانَت عَادَة أهل الْحرم أَن يقلدوا أنفسهم، وإبلهم بِشَيْء من لحاء شجر الْحرم إِذا أَرَادوا الْخُرُوج؛ لكيلا يتَعَرَّض لَهُم؛ فَنهى الشَّرْع عَن التَّعَرُّض لهَذِهِ الْأَشْيَاء.
﴿وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام﴾ أَي: وَلَا تتعرضوا للقاصدين إِلَى الْبَيْت الْحَرَام، وَسبب نزُول هَذَا: مَا رُوِيَ: " أَن الحطم بن ضبيعة جَاءَ فِي نفر إِلَى رَسُول الله بِالْمَدِينَةِ، فَعرض عَلَيْهِم الْإِسْلَام، فَلم يقبلُوا وتعللوا وَانْصَرفُوا؛ حَتَّى قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَام - فِيهِ: لقد أقبل بِوَجْه كَافِر وَأدبر بقفا غادر.
فَذهب وَاسْتَاقَ سرح الْمَدِينَة؛ فتبعوه فَلم يدركوه وَهُوَ يستاق الْإِبِل، ويرتجز وَيَقُول:
(قد لفها اللَّيْل بسواق حطم... لَيْسَ براعي إبل وَلَا غنم)
(وَلَا بجزار على ظهر وَضم... )
فَلَمَّا كَانَ بعد فتح مَكَّة، لقِيه الْمُسلمُونَ فِي الْمَوْسِم حَاجا، وَمَعَهُ إبل معشره وقلائد؛ فقصدوه، ولقيه النَّبِي فَأَشَارَ إِلَى أَصْحَابه، وَقَالَ: دونكم الرجل؛ ليأخذوه؛ فَنزلت الْآيَة " منعا للتعرض لَهُ ولشعائره وقلائده، قَالَ الشّعبِيّ: كَانَ هَذَا

صفحة رقم 7

﴿فضلا من رَبهم ورضوانا وَإِذا حللتم فاصطادوا وَلَا يجرمنكم شنآن قوم أَن صدوكم عَن الْمَسْجِد الْحَرَام أَن تَعْتَدوا وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى وَلَا تعاونوا﴾ كَذَلِك، ثمَّ نسخ بقوله: (اقْتُلُوا الْمُشْركين).
وَقَوله: ﴿يَبْتَغُونَ فضلا من رَبهم ورضوانا﴾ قَالَ ابْن عمر: أَرَادَ بِهِ فضل التِّجَارَة، وَقيل: هُوَ الْأجر ﴿وَإِذا حللتم فاصطادوا﴾ وَهَذَا أَمر إِبَاحَة؛ أَبَاحَ للْحَال الِاصْطِيَاد.
﴿وَلَا يجرمنكم شنآن قوم﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: جرم أَي: كسب وَيُقَال: فلَان جارم أَهله، أَي: كاسب أَهله، و (أنْشد)

(وَلَقَد طعنت أَبَا عُيَيْنَة طعنة جرمت فَزَارَة بعْدهَا أَن يغضبوا)
أَي: كسبت، وَقَرَأَ الْأَعْمَش: ﴿وَلَا يجرمنكم﴾ بِضَم الْيَاء، وَهُوَ صَحِيح فِي الْعَرَبيَّة، يُقَال: جرم وأجرم، بِمَعْنى وَاحِد، وَقيل: مَعْنَاهُ: وَلَا يحملنكم شنآن قوم، أَي: عَدَاوَة قوم.
﴿أَن صدوكم﴾ أَي: لِأَن صدوكم، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو: " إِن صدوكم " على الشَّرْط وَمعنى الْآيَة: لَا يحملنكم عَدَاوَة قوم صدوكم ﴿عَن الْمَسْجِد الْحَرَام أَن تَعْتَدوا﴾ عَلَيْهِم.
(وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى) الْبر: الصدْق، وَقيل الْبر: الاجتناب عَن كل مَنْهِيّ. وَفِيه قَول آخر: أَن الْبر الْإِسْلَام، وَالتَّقوى: السّنة.
﴿وَلَا تعاونوا على الْإِثْم والعدوان﴾ الْإِثْم: الْكفْر، والعدوان: الْبِدْعَة، وَقيل: الْإِثْم الْكفْر، والعدوان: الظُّلم ﴿وَاتَّقوا الله إِن الله شَدِيد الْعقَاب﴾.

صفحة رقم 8
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية