آيات من القرآن الكريم

وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ ﴾؛ بيَّنَ اللهُ تعالى أنَّ النصَارَى لم يكونوا بَعْدَ أخذِ الميثاقِ أحْسَنَ معاملةً من اليهودِ، ومعنى أخْذِ الميثاق: هو ما أخَذ اللهُ عَلَيْهِمْ فِي الإنْجِيْلِ مِنَ الْعَهْدِ الْمُؤَكَّدِ باتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَبَيَانِ صِفَتِهِ وَنَعْتِهِ، كما قَالَ تَعَالَى في آيةٍ أخرَى:﴿ مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي ٱسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾[الصف: ٦] فَنَسُوا حَظّاً مما ذُكِّرُوا به؛ أي تَرَكُوا بعضاً مِمَّا ذُكِّرُوا بهِ.
﴿ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ ﴾؛ أي هَيَّجْنَا بين فِرَقِ النَّصَارَى، وهم النَّسْطُوريَّةُ وَالْيَعْقُوبيَّةُ وَالْمَلْكَانِيَّةُ، وألْقَيْنَا بينَهم العداوةَ في الدِّينِ. وذلك أنَّ اللهَ رَفَعَ الأُلْفَةَ بينَهم وألقَى بينهم العداوةَ والبغضاءَ، فَهُمْ يَقْتَتِلُونَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وأصلُ الإغْرَاءِ: الإلْصَاقُ مَأَخُوذٌ مِنَ الغِرَاءِ الَّذِي يُلْصَقُ بهِ الأَشْيَاءُ، وَالْعَدَاوَةُ: تَبَاعُدُ الْقُلُوب وَالنِّيَّاتِ، والْبَغْضَاءُ: الْبُغْضُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾؛ أي يخبرُهم في الآخرةِ بما كانوا يصنعونَ من الجِنَايَةِ والمخالفةِ وكِتْمَانِ نَعْتِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وصِفَتِهِ. ثم خاطبَ اللهُ تعالى الفريقين من اليهودِ والنَّصارَى فقالَ تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ ٱلْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ ٱلْكِتَابِ ﴾؛ يعني التَّوراةَ والإنجِيْلَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ تُخْفُونَ ﴾ يعني صِفَةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وآيةَ الرَّجْمِ، وإضافةُ اليهودِ والنَّصارَى إلى الكِتَابِ تَعْييْرٌ لَهم، كما يقالُ: يَا عَاقِلُ لَمْ تَعْلَمْ؛ أي يا جاهلُ. وقولهُ تعالى: ﴿ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ﴾؛ يعني بالنُّور مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم يُبَيِّنُ لكم كثيراً مِمَّا كنتم تَكْتُمُونَ من الإسلامِ، وآيةِ الرَّجمِ، وتحريمِ الزِّنَا وغيرِ ذلكَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ﴾ أي يتجاوزُ عن كثيرٍ مِمَّا كنتُم تكتمونَهُ ولا يعاقبُكم عليهِ، يعني مِمَّا لم يُؤْمَرْ ببَيَانِهِ، وقولهُ تعالى: ﴿ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ﴾ يعني الْقُرْآنَ يُبَيِّنُ الحلالَ والحرامَ والأمرَ والنَّهيَ.

صفحة رقم 622
كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو بكر الحداد اليمني
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية