
وآتوا النساء مهورهن اللاتي يستحقنها تشريفا لهن وتكريما وعلامة على المحبة وتوثيقا لعرى الصداقة والمودة بلا مبالغة ولا إسراف فإن طبن لكم عن شيء من أموالهن وتنازلن عنه فخذوه هنيئا مريئا.
متى نعطى أموال اليتامى لهم؟ [سورة النساء (٤) : الآيات ٥ الى ٦]
وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٥) وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً (٦)
المفردات:
السُّفَهاءَ: جمع سفيه، والسفه: الاضطراب في العقل والفكر والخلق، والمراد به هنا: من لا يحسن التصرف في المال، ويشمل ذلك اليتامى. قِياماً: ما به تقومون وتعيشون. آنَسْتُمْ
: أبصرتم وتبينتم. رُشْداً: المراد به: صلاحا للعقل وحفاظا للمال. إِسْرافاً: مجاوزة للحد في كل عمل، وغلب في الأموال.
بِداراً: مبادرة ومسارعة. فَلْيَسْتَعْفِفْ: فليطلب العفة وليحمل نفسه عليها، والعفة: ملكة في النفس تقتضي ترك ما لا ينبغي من الشهوات. حَسِيباً:
رقيبا..
أمر الله- سبحانه وتعالى- فيما سبق بإيتاء أموال اليتامى لهم وإعطاء النساء أموالهن

ومهورهن، وهنا شرط ذلك بشرطين: الخلو من السفه، والاختبار حتى لا يضيعوا أموالهم.
المعنى:
نهى الله- سبحانه وتعالى- الأمة نهيا عاما، يدخل فيه أولياء اليتامى والسفهاء دخولا من باب أولى.. نهاهم عن إعطاء السفهاء الذين لا يحسنون التصرف في أموالهم، نهاهم عن إعطاء أموالهم لهم، فإنهم يبددونها، والدين حريص على حفظها لهم.
وإنما أضاف الأموال للأولياء وقال: (أموالكم) مع أنها أموال اليتامى والسفهاء للإشارة إلى أن الولي يجب عليه أن يحافظ على المال، إذ لو ضاع لوجبت نفقة اليتيم عليه، فكأن مال اليتيم ماله، ولا يخفى عليك مبدأ التكافل في الأمة الواحدة، وانظر إلى القرآن وقد وصف الأموال بأنها جعلت قوامكم في الحياة، فبالمال تبنى الأمم صروح العمران وتقام دعائم الدنيا، وفي هذا إشارة إلى أن المال والاقتصاد مما يرغب فيه الدين.
فعليكم- أيها الأولياء- أن تعطوا الأموال لأربابها بشرط ألا يكون سفيها لا يحسن التصرف، وإلا بقي المال في أيديكم حتى يتم تمرينه على المحافظة على الأموال التي جعلها الله قوامكم في الحياة.
وارزقوهم منها ومن ثمرتها وكسبها لا من أصلها وذاتها، والرزق يشمل وجوه الإنفاق جميعها من أكل وكسوة وتعليم وتمريض، وخصت الكسوة بالذكر لأنها مظهر خارجى قد يتساهل فيه، وقولوا لهم قولا لينا ليست فيه خشونة، بل عاملوهم معاملة الأولاد بالعطف واللين، وأشعروهم بالعزة والكرامة وأن ما ينفق عليهم من مالهم، وسيأخذونه بعد البلوغ، ويجب عليكم أن تختبروهم لتعرفوا مدى عقلهم وحسن تصريفهم للمال، وقد أطلق القرآن الكريم الابتلاء حتى تتبينوا رشدهم وكمال تصريفهم، لأن لكل زمن وبيئة نظاما، فاختبار المتعلم غير اختبار العامي وهكذا.
وهذا الاختبار يكون عند البلوغ، أى: بلوغ سن الزواج والاكتمال العقلي، فإن تبينتم رشدهم فآتوهم أموالهم.