
فى صفقتك بسبب حبوط عملك واللام الاولى موطئة للقسم والأخريان للجواب وهو كلام وارد على طريقة الفرض لتهييج الرسل واقناط الكفرة والإيذان بغاية شناعة الإشراك وقبحه وكونه بحيث ينهى عنه من لا يكاد يمكن ان يباشره فكيف بمن عداه قال التفتازانيّ فالمخاطب هو النبي عليه السلام وعدم اشراكه مقطوع به لكن جيىء بلفظ الماضي ابرازا للاشراك فى معرض الحاصل على سبيل الفرض والتقدير تعريضا لمن صدر عنهم الإشراك بانه قد حبطت أعمالهم وكانوا من الخاسرين وقال فى كشف الاسرار هذا خطاب مع الرسول عليه السلام والمراد به غيره وقال ابن عباس رضى الله عنهما هذا ادب من الله لنبيه عليه السلام وتهديد لغيره لان الله تعالى قد عصمه من الشرك ومداهنة الكفار وقال الكاشفى [وأصح آنست كه مخاطب بحسب ظاهر پيغمبرانند واز روى حقيقت افراد مسلمانان امت ايشان هر يك را مى فرمايد كه اگر شرك آرى هر آينه تباه كردد كردار تو كه در وقت ايمان واقع شده وهر آينه باشى از زيانكاران كه بعد از وقت دولت دين بنكبت شرك مبتلى كردد] قال ابن عطاء هذا شرك الملاحظة والالتفات الى غيره واطلاق الإحباط من غير تقييد بالموت على الكفر يحتمل ان يكون من خصائصهم لان الإشراك منهم أشد وأقبح وان يكون مقيدا بالموت كما صرح به فى قوله تعالى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) فيكون حملا للمطلق على المقيد فمذهب الشافعي ان نفس الكفر غير محبط عنده بل المحبط الموت على الكفر واما عند غيره فنفس الكفر محبط سواء مات عليه أم لم يمت وفى المفردات حبط العمل على اضرب. أحدها ان تكون الأعمال دنيوية فلا تغنى فى الآخرة غناء كما أشار اليه تعالى بقوله (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً). والثاني ان تكون أعمالا اخروية لكن لم يقصد صاحبها بها وجه الله تعالى كما روى (يؤتى برجل يوم القيامة فيقال له بم كان اشتغالك فيقول بقراءة القرآن فيقال له كنت تقرأ ليقال فلان قارئ وقد قيل ذلك فيؤمر به الى النار). والثالث ان تكون أعمالا صالحة لكن بإزائها سيآت تربى عليها وذلك هو المشار اليه بخفة الميزان انتهى. وعطف الخسران على الحبوط من عطف المسبب على السبب وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الإنسان ولو كان نبيا لئن وكل الى نفسه ليفتحن بمفتاح الشرك والرياء أبواب خزائن قهر الله على نفسه وليحبطن عمله بان يلاحظ غير الله بنظر المحبة ويثبت معه فى الإبداع سواه بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ رد لما أمروه ولولا دلالة التقديم على القصر لم يكن كذلك والفاء جواب الشرط المحذوف تقديره لا تعبد ما أمرك الكفار بعبادته بل ان عبدت فاعبد الله فحذف الشرط وأقيم المفعول مقامه وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ انعامه عليك ومن جملته التوحيد والعبادة وكذا النبوة والرسالة الحاصلتان بفضله وكرمه لا بسعيك وعملك واعلم ان الشكر على ثلاث درجات. الاولى الشكر على المحاب وقد شاركت المسلمين فى هذا الشكر اليهود والنصارى والمجوس. والثانية الشكر على المكاره وهذا الشاكر أول من يدعى الى الجنة لان الجنة حفت بالمكاره والثالثة ان لا يشهد غير المنعم فلا يشهد النعمة والشدة وهذا الشهود والتلذذ به أعلى اللذات لانه فى مقام السر فالعاقل يجتهد فى الإقبال على الله
صفحة رقم 133
والتوجه اليه من غير التفات الى يمين وشمال- روى- ان ذا النون المصري قدس سره أراد التوضي من نهر فرأى جارية حسناه فقالت لذى النون ظننتك اولا عاقلا ثم عالما ثم عارفا ولم تكن كذلك اى لا عاقلا ولا عالما ولا عارفا قال ذو النون ولم قالت فان العاقل لا يكون بغير وضوء لعلمه بفضائله والعالم لا ينظر الى الحرام فان العالم لا بد وان يكون عاملا والعارف لا يميل الى غير الله فان مقتضى العرفان ان لا يختار على المحبوب الحقيقي سواه لكون حسنه من ذاته وحسن ما سواه مستفادا منه والغير وان كان مظهرا لتجليه ولكن النظر اليه قيد والحضور فى عالم الإطلاق هو التفريد الذي هو تقطيع الموحد عن الأنفس والآفاق
خداست در دو جهان هست جاودان جامى | وما سواه خيال مزخرف باطل |

قدرته وحقارة الافعال العظام بالنسبة الى قدرته ودلالة على ان تخريب العالم أهون شىء عليه على طريقة التمثيل والتخييل من غير اعتبار القبضة حقيقة ولا مجازا على ما فى الإرشاد ونحوه وعلى هذه الطريقة قوله تعالى وَالسَّماواتُ مبتدأ مَطْوِيَّاتٌ خبره بِيَمِينِهِ متعلق بمطويات اى مجموعات ومدرجات من طويت الشيء طيا اى أدرجته إدراجا او مهلكات من الطى بمعنى مضى العمر يقال طوى الله عمره. وقوله بيمينه اى بقوته واقتداره فانه يعبر بها عن المبالغة فى الاقتدار لانها أقوى من الشمال فى عادة الناس كما فى الاسئلة المقحمة قال ابن عباس رضى الله عنهما ما السموات السبع والأرضون السبع فى يد الله الا كخردلة فى يد أحدكم قال بعضهم الآية من المتشابهات فلا مساغ لتأويلها وتفسيرها غير الايمان بها كما قال تعالى (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا)
وقال اهل الحقيقة المراد بهذه القبضة هى قبضة الشمال المضاف إليها القهر والغضب ولوازمهما وعالم العناصر وما يتركب ويتولد منها ومن جملة ذلك صورة آدم العنصرية واما روحانيته فمضافة الى القبضة المسماة باليمين ودل على ما ذكر ذكر اليمين فى مقابل الأرض وصح عن النبي عليه السلام اطلاق الشمال على احدى اليدين اللتين خلق الله بهما آدم عليه السلام كما فى شرح الأربعين حديثا للشيخ الكبير قدس سره الخطير وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (يقبض الله السموات بيمينه والأرضين بيده الاخرى ثم يهزهنّ ويقول انا الملك اين ملوك الأرض) كما فى كشف الاسرار وفيه اشعار بإطلاق الشمال على اليد الاخرى فالشمال فى حديثه عليه السلام والقبضة فى هذه الآية واحدة فان قلت كيف التوفيق بينه وبين قوله عليه السلام (كلتا يدى ربى يمين مباركة) وقول الشاعر
له يمينان عدلا لا شمال له | وفى يمينيه آجال وأرزاق |