
وقال يزيد [بن الأصم] (١): هو الرجل يكلم الرجل، فيلوي وجهه عنه محقرة له (٢).
وقال قتادة: هو الإعراض عن الناس، يكلمك أخوك وأنت معرض عنه تتكبر (٣).
وقوله: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾ مفسر في سورة سبحان (٤).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ فسر في سورة النساء (٥).
١٩ - قوله: ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ﴾ قال الليث: يقال قصد فلان في مشيه، إذا مشي مستويًا (٦).
وقال المفضل: القصد: ما بين الإسراف والتقصير (٧).
قال مقاتل: لا تختل في مشيك (٨).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ٧٥، "تفسير ابن كثير" ٥/ ٣٨٥.
(٣) انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ١٠٥.
(٤) عند قوله تعالى: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾ [الإسراء: ٣٧]
(٥) عند قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ [النساء: ٣٦].
قال المؤلف -رحمه الله- هناك: المختال ذو الخيلاء والكبر، قال ابن عباس: يريد بالمختال العظيم في نفسه، الذي لا يقوم بحقوق الله ومعنى الفخر في اللغة: هو البذخ والتطاول، والفخور الذي يعدد مناقبه كبرًا وتطاولًا.
(٦) لم أقف عليه. وانظر: "تهذيب اللغة" ٨/ ٣٥٥، "اللسان" ٣/ ٣٥٣.
(٧) لم أقف عليه للمفضل. وذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ٨/ ٣٥٢ عن الليث، وانظر: "اللسان" ٣/ ٣٥٤ (قصد).
(٨) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٢ ب. وذكره الماوردي ٤/ ٣٤٠، وعزاه لسعيد بن جبير.

وقال الكلبي: تواضع لله فلا تختل (١). وعلى هذا أمر بالقصد في المشي، والمراد به النهي عن الخيلاء.
وقال آخرون: المراد به النهي عن الإسراع في المشي (٢). فدل عليه بما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن" (٣).
وقوله: ﴿وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ﴾ قال أبو إسحاق: معنى اغضض: انقص، ومن ذلك: غضضت، وفلان يغض من فلان، أي يقصر به (٤). وذكرنا تفسير الغض فيما تقدم (٥). والصوت: مصدر صات يصوت [صوتًا] (٦) فهو صائت، وصوت تصويتًا فهو مصوت، وهو عام غير مختص، يقال: سمعت صوت الرجل، وصوت الحمار، وصوت كل شيء (٧). قال ذو الرمة -وهو من أبيات الكتاب-:
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٢١/ ٧٦ ونسبه لقتادة وابن زيد، و"تفسير الماوردي" ٤/ ٣٤٠ وقال: حكاه النقاش.
(٣) الحديث منكر جدًّا قاله العلامة الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" ١/ ٧٠ رقم (٥٥)، وقال الحافظ في "تخريج أحاديث الكشاف" ص ١٣٠ وإسناده ضعيف.
(٤) هكذا في النسخ! وهو في "معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ١٩٩:.. وفلان يغض بصره من فلان أي ينتقصه.
(٥) عند قوله تعالى في سورة النور: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [النور: ٣٠] قال هناك: يقال غض بصره يغضه غضًا، ومثله أغضًا قال ابن عباس: أي لا ينظروا إلى ما لا يحل لهم.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٧) انظر: "تهذيب اللغة" ١٢/ ٢٢٣ (صوت)، "اللسان" ٢/ ٥٧ (صوت)، "تاج العروس" ٤/ ٥٩٧ (صوت).

كان أصوات من إيغالهن (١) بنا أواخر الميس أصوات الفراريج (٢)
ويقال: رجل صات، أي (٣): شديد الصوت بمعنى صائت، كما يقال: رجل مال كثير المال، ونال كثير النوال (٤). قال الكلبي: يقول أكفف من صوتك لا تكن سليطًا على الناس (٥).
وقال مقاتل: اخفض من صوتك، يعني: من كلامك، يأمر لقمان ابنه بالاقتصاد في المشي والمنطق (٦). وروى عطاء عن ابن عباس قال: يريد إذا ناجيت ربك فخفض [صوتك] (٧) (٨).
وخفض الصوت المأمور به هاهنا بالدعاء، وذكر قوله (٩): ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾ [مريم: ٣] والقول هو الأول العام. قال المبرد: (والمحمود
(٢) البيت من البسيط، وهو لذي الرمة في "ديوانه" ص ٩٩٦، "الإنصاف" ص ٤٣٣، "خزانة الأدب" ٤/ ١٠٨، ٤١٣، ٤١٩، "الخصائص" ٢/ ٤٠٤، "الكتاب" ١/ ١٧٩، ٢/ ١٦٦، ٢٨٠.
وإيغالهن: أي إبعادهن، يقال: أوغل في الأرض، إذا أبعد فيها. والأواخر: جمع آخرة الرحل، وهي العود في آخره يستيند إليه الراكب. والميس: شجر يتخذ منه الرحال والأقتاب. والفراريج: جمع فروج، وهي صغار الدجاج.
(٣) (أي) ساقط من (أ).
(٤) انظر: "تاج العروس" ٥٤/ ٥٩٧) (صوت).
(٥) لم أقف عليه.
(٦) انظر: "تفسير مقاتل" ٨٢ ب.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٨) ذكره المؤلف في "الوسيط" ٣/ ٤٤٤.
(٩) هكذا هي في النسخ! ولعل الصواب: وذكرنا ذلك عند قوله: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾، فهذا هو منهج المؤلف -رحمه الله- في الإحالة.