
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع وابن حميد، قالا ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ للنَّاسِ) قال: الرجل يكون بينه وبين أخيه الحنة، فيراه فيعرض عنه.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد في قوله: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ للنَّاسِ) قال: هو الرجل بينه وبين أخيه حنة فيعرض عنه.
وقال آخرون: هو التشديق.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثني أبي، عن جعفر الرازي، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: هو التشديق.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: هو التشديق أو التشدّق "الطبري يشكُّ".
حدثنا يحيى بن طلحة، قال: ثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن إبراهيم، بمثله.
وقوله: (وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحا) يقول: ولا تمش في الأرض مختالا.
كما حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحا) يقول: بالخيلاء.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ للنَّاسِ ولا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحا إنَّ اللهَ لا يُحبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) قال: نهاه عن التكبر، قوله: (إنَّ الله لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ) متكبر ذي فخر.
كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) قال: متكبر. وقوله: (فخور) قال: يعدّد ما أعطى الله، وهو لا يشكر الله.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩) ﴾

يقول: وتواضع في مشيك إذا مشيت، ولا تستكبر، ولا تستعجل، ولكن اتئد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، غير أن منهم من قال: أمره بالتواضع في مشيه، ومنهم من قال: أمره بترك السرعة فيه.
ذكر من قال: أمره بالتواضع في مشيه:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا أبو حمزة، عن جابر، عن مجاهد (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) قال: التواضع.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) قال: نهاه عن الخيلاء.
ذكر من قال نهاه عن السرعة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا ابن المبارك، عن عبد الله بن عقبة، عن يزيد بن أبي حبيب، في قوله: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) قال: من السرعة. قوله: (وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ) يقول: واخفض من صوتك، فاجعله قصدا إذا تكلمت.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ) قال: أمره بالاقتصاد في صوته.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ) قال: اخفض من صوتك.
واختلف أهل التأويل قوله: (إِنَّ أَنْكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) فقال بعضهم: معناه: إن أقبح الأصوات.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار وابن المثنى، قالا ثنا ابن أبي عديّ، عن شعبة وأبان بن تغلب، قالا ثنا أبو معاوية عن جُوَيبر، عن الضحاك (إنَّ أنكَرَ الأصْوَاتِ) قال: إن أقبح الأصوات (لَصَوْتُ الحَمِيرِ).
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (إنَّ أنكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ) أي: أقبح الأصوات لصوت الحمير، أوّله زفير، وآخره شهيق، أمره بالاقتصاد في صوته.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، قال: سمعت الأعمش يقول: (إنَّ أنكَرَ الأصْوَاتِ) (١) صوت الحمير.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إن أشرّ الأصوات.
* ذكر من قال ذلك:
حُدثت عن يحيى بن واضح، عن أبي حمزة، عن جابر عن عكرِمة والحكم بن عُتيبة (إنَّ أنكَرَ الأصْوَاتِ) قال: أشرّ الأصوات.
قال جابر: وقال الحسن بن مسلم: أشدّ الأصوات.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (إِنَّ أَنْكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) قال: لو كان رفع الصوت هو خيرا ما جعله للحمير.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: إن أقبح أو أشرّ الأصوات، وذلك نظير قولهم: إذا رأوا وجها قبيحا، أو منظرا شنيعا، ما أنكر وجه فلان، وما أنكر منظره.
وأما قوله: (لَصَوْتُ الحَمِيرِ) فأضيف الصوت، وهو واحد، إلى الحمير وهي جماعة، فإن ذلك لوجهين: إن شئت، قلت: الصوت بمعنى الجمع، كما قيل: (لَذَهَبَ بِسَمْعهمْ) وإن شئت قلت: معنى الحمير: معنى الواحد، لأن الواحد في مثل هذا الموضع يؤدّي عما يؤدي عنه الجمع.