آيات من القرآن الكريم

قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ
ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ

قال القشيري رحمه الله هذا للمستأنفين وقوله وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ للعارفين أولئك اصحاب التخفيف والتسهيل وهؤلاء اصحاب التخويف والتهويل ونظيره بشر المذنبين وانذر الصديقين فالله تعالى يمهل ولا يهمل فيجب ان لا يغتر العبد بامهاله بل يتأهب ليوم حسابه وجزائه

در خير باز است وطاعت وليك نه هر كس تواناست بر فعل نيك
واعلم ان ما يعمله الإنسان او يقوله ينتقش فى صحائف النفوس السماوية وإذا تكرر صار ملكة راسخة لكنه مشغول عن تلك الهيآت الثابتة فى نفسه ونقوشها بالشواغل الحسية والوهمية والفكرية فاذا فارقت النفس الجسد وقامت قيامتها وجدت ما عملت من خير وشر محضرا لارتفاع الشواغل المانعة كقوله تعالى أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ فان كان شرا تتمنى البعد فيما بينها وما بين ذلك اليوم او ذلك العمل لتعذبها به فتصير تلك الهيآت صورتها ان كانت راسخة وإلا صورة تعذبها وتعذبت بحسبها ومن الله العصمة: قال مولانا جلال الدين الرومي قدس سره
هر خيالى كو كند در دل وطن روز محشر صورتى خواهد شدن «١»
سيرتى كان در وجودت غالب است هم بر آن تصوير حشرت واجب است «٢»
فعلى العاقل ان يزكى نفسه عن الأخلاق الذميمة ويطهر قلبه عن لوث العلائق الدنيوية ويجتهد فى تحصيل مرضاة الله بالأعمال الصالحة والأقوال الحقة كى يجدها عند ربه يوم احتياجه ويفوز بالسعادة قال رسول الله ﷺ (يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قط وأظمأ ما كانوا قط واعرى ما كانوا قط وانصب ما كانوا قط فمن اطعم الله أطعمه ومن سقى الله سقاه ومن كسا الله كساه ومن عمل لله كفاه) وكان رسول الله ﷺ (يقول يا حنان يا منان يا ذا الجلال والإكرام باعد بينى وبين خطيئتى كما باعدت بين المشرق والمغرب ونقنى من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس واغسلني بماء الثلج والبرد سبحان الله وبحمده استغفر الله العظيم وأتوب اليه) ونظر رسول الله ﷺ يوما الى أصحابه حوله فقال (ايها الناس لا تعجبوا بانفسكم وبكثرة أعمالكم وبقلة ذنوبكم ولا تعجبوا بامرئ حتى تعلموا بم يختم له) قال عليه السلام (فانما الأعمال بخواتيمها ولو ان أحدكم جاء يوم القيامة بعمل سبعين نبيا لتمنى الزيادة لهول ما يقدم عليه يوم القيامة) قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي اثبت فيه الياء لانه اصل ولم يثبت فى فاتقون وأطيعون لانه ختم آية ينوى بها الوقف يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ نزلت حين دعا رسول الله ﷺ كعب بن الأشرف ومن تابعه الى الايمان فقالوا نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ فقال تعالى لنبيه عليه السلام قل لهم انى رسول الله أدعوكم اليه فان كنتم تحبونه فاتبعونى على دينه وامتثلوا امرى يحببكم الله ويرض عنكم. والمحبة ميل النفس الى الشيء لكمال أدركته فيه بحيث يحملها على ما يقربها اليه والعبد إذا علم ان الكمال الحقيقي ليس الا لله وان كل ما يراه كمالا من نفسه او غيره فهو من الله وبالله والى الله لم يكن حبه الا لله وفى الله وذلك يقتضى ارادة طاعته والرغبة فيما يقربه اليه فلذلك فسرت المحبة بارادة الطاعة وجعلت مستلزمة لاتباع الرسول ﷺ فى طاعته والحرص على مطاوعته
(١) در اواسط دفتر پنجم در بيان فيما يرجى من رحمة الله تعالى معطى النعم إلخ
(٢) در أوائل دفتر دوم در بيان آمدن دوستان بيمارستان جهة پرسش ذو النون قدس سره

صفحة رقم 22

وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ اى يكشف الحجب عن قلوبكم بالتجاوز عما فرط منكم فيقربكم من جنات عزه ويبوئكم فى جوار قدسه. عبر عنه بالمحبة بطريق الاستعارة او المشاكلة وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ اى لمن كان يتحبب للنصارى ويتبع عيسى ابن مريم فنزل قوله تعالى قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ اى فى جميع الأوامر والنواهي فيدخل فى ذلك الطاعة فى اتباعه ﷺ دخولا أوليا فَإِنْ تَوَلَّوْا اما من تمام مقول القول فهى صيغة المضارع المخاطب بحذف احدى التاءين اى تتولوا وتعرضوا واما كلام متفرع مسوق من جهته تعالى فهى صيغة الماضي الغائب وفى ترك ذكر احتمال الاطاعة كما فى قوله تعالى فَإِنْ أَسْلَمُوا تلويح الى انه غير محتمل عنهم فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ نفى المحبة كناية عن بغضه تعالى لهم وسخطه عليهم اى لا يرضى عنهم ولا يثنى عليهم. ودلت الآية على شرف النبي عليه السلام فانه جعل متابعته متابعة حبيبه وقارن طاعته بطاعته فمن ادعى محبة الله وخالف سنة نبيه فهو كذاب بنص كتاب الله تعالى كما قيل

تعصى الإله وأنت تظهر حبه هذا محال فى الفعال بديع
لو كان حبك صادقا لا طعته ان المحب لمن يحب مطيع
وانما كان من ادعى محبة الله وخالف سنة رسوله كاذبا فى دعواه لان من أحب آخر يحب خواصه والمتصلين به من عبيده وغلمانه وبيته وبنيانه ومحله ومكانه وجداره وكلبه وحماره وغير ذلك فهذا هو قانون العشق وقاعدة المحبة والى هذا المعنى أشار المجنون العامري حيث قال
امر على الديار ديار ليلى اقبل ذا الجدار وذا الجدار
وما حب الديار شغفن قلبى ولكن حب من سكن الديارا
قال الامام القشيري رحمه الله قطع الله اطماع الكل ان يسلم لاحدهم نفسه الا ومقتداهم سيد الأولين والآخرين. وقال القاشاني محبة النبي عليه السلام انما تكون بمتابعته وسلوك سبيله قولا وعملا وخلقا وحالا وسيرة وعقيدة ولا تتمشى دعوى المحبة الا بهذا فانه قطب المحبة ومظهرها وطريقته ﷺ المحبة فمن لم يكن له من طريقته نصيب لم يكن له من المحبة نصيب وإذا تابعه حق المتابعة ناسب باطنه وسره وقلبه ونفسه باطن النبي وسره وقلبه ونفسه وهو مظهر المحبة فلزم بهذه المناسبة ان يكون لهذا التابع قسط من محبة الله بقدر نصيبه من المتابعة فيلقى الله محبته عليه ويسرى من روح النبي نور تلك المحبة ايضا الى قلبه اسرع ما يكون إذ لولا محبة الله لم يكن محبا له ثم نزل عن هذا المقام لانه أعز من الكبريت الأحمر ودعاهم الى ما هو أعم من مقام المحبة وهو مقام الارادة فقال قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ اى ان لم تكونوا محبين ولم تستطيعوا متابعة حبيبى فلا اقل من ان تكونوا مريدين مطيعين لما أمرتم به فان المريد يلزمه طاعة المراد وامتثال امره فَإِنْ تَوَلَّوْا اى ان اعرضوا عن ذلك ايضا فهم كفار محجوبون انتهى. وروى البخاري عن عبد الله بن هشام انه كانه مع النبي ﷺ وهو آخذ بيد عمر رضى عنه فقال عمر يا رسول الله أنت أحب الى من كل شىء الا نفسى

صفحة رقم 23
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية