آيات من القرآن الكريم

قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ
ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ

فيكون ذلك غبطة وسرورا لها، وتنعم بما أحسنت، وتبتئس المسيئة وتغتم بما أساءت وتود أن ما عملت من السوء كان بعيدا عنها لم تره حتى لا تؤاخذ بجريرته.
ومعنى كونه محضرا أن فائدته ومنفعته تكون حاضرة لها.
(وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) أي احذروا من سخط الله بترجيح جانب الخير وعمله على ما يزينه لكم الشيطان من عمل السوء «وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون».
(وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) قال الحسن البصري: ومن رأفته أن حذرهم نفسه، وعرفهم كمال علمه وقدرته، لأنهم إذا عرفوه حق المعرفة دعاهم ذلك إلى طلب رضاه واجتناب سخطه اهـ.
ومن رأفته أيضا أن جعل الفطرة الإنسانية ميالة بطبعها إلى الخير، مبغضة لما يعرض لها من الشر، وأن جعل أثر الشر في النفس قابلا للمحو بالتوبة والعمل الصالح.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٣١ الى ٣٢]
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٣٢)
تفسير المفردات
المحبة: ميل النفس إلى الشيء لكمال أدركته فيه، فيدعوها ذلك إلى التقرب إليه، يغفر لكم: أي يتجاوز عما فرط منكم من الأعمال السيئة والاعتقادات الباطلة، فإن تولوا:
أي فإن أعرضوا ولم يجيبوا دعوتك.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر قبل هذا جلال سلطانه وعظيم كماله، ثم نهى المؤمنين عن موالاة أعدائه وأكد ذلك بالوعيد الشديد- ذكر هنا أن طريق محبته متابعة رسوله وامتثال

صفحة رقم 139

أوامره التي جاء بها واجتناب ما نهى عنه، وبذا يكون المرء أهلا لمحبته، مستحقا لغفران ذنوبه.
روى أن هذه الآية نزلت حين دعا رسول الله ﷺ كعب ابن الأشرف ومن تابعه من اليهود إلى الإيمان فقالوا «نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ» فأمر الله نبيه أن يقول لهم: إنى رسول الله إليكم أدعوكم إليه، فإن كنتم تحبونه فاتبعونى وامتثلوا أمرى يحببكم الله ويرض عنكم.
الإيضاح
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) أي قل لهم:
إن كنتم تريدون طاعة الله وترغبون في العمل بما يقرب إليه طلبا للثواب فيما عنده، فاتبعونى بامتثال ما نزل به الوحى منه إلىّ، يرض الله عنكم ويتجاوز عما فرط منكم من الأعمال السيئة، والاعتقادات الباطلة، ويبوئكم في جوار قدسه، إذ في هذا الاتباع اعتقاد الحق والعمل الصالح، وهما يزيلان من النفس آثار المعاصي والرذائل، ويمحوان منها ظلمة الباطل، وأثر ذلك المغفرة ورضوان الله.
وهذا حجة على من يدعى محبة الله في كل زمان وأعماله تكذب ما يقول، إذ كيف يجتمع حب مع الجهل بالمحبوب، وعدم العناية بأوامره ونواهيه، فهو كما قال الورّاق:

تعصى الإله وأنت تظهر حبّه هذا لعمرى في القياس بديع
لو كان حبّك صادقا لأطعته إن المحب لمن يحبّ مطيع
(وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لمن تحبب إليه بطاعته، وتقرب إليه باتباع نبيه، إذ في هذا تزكية للنفس بصالح العمل، فيغفر لها ما فرط من زلاتها، ويتجاوز عن سيئاتها.
روى أنه لما نزل قوله (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ... ) قال عبد الله بن أبيّ: إن محمدا يجعل طاعته كطاعة الله تعالى، ويأمرنا أن نحبه كما أحب النصارى عيسى فنزل قوله:

صفحة رقم 140
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية