
﴿وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ﴾ أي: الحيوانَ من النُّطْفَةِ.
﴿وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ﴾ عكسُ الأول، وقيلَ: المؤمنُ من الكافرِ، وعكسُه، وقيل غير ذلك. قرأ نافعٌ، وأبو جعفرٍ، وحمزةُ، والكسائيُّ، وحفصٌ، وخلفٌ: (مِنَ المَيِّتِ) (وتخرج الميت) بتشديدِ الياء حيثُ وقع (١).
﴿وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ من غير تضييقٍ ولا تقتير.
﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٢٨)﴾.
[٢٨] ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ نزلَتْ نهيًا عن مباطَنَةِ من يُبْطِنُ الكفرَ ويُظْهِرُ الإيمانَ، وعن مُوالاتِهم. المعنى: اجتنبوا موالاةَ الكفارِ، فلكم غُنْيَةٌ عن موالاتهم بموالاةِ المؤمنين؛ لأنهم أعداءُ الله، ومن والاهم فقد دخلَ في عداوة الله، ثم تَهَدَّدَهم فقال:
﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ أي: ولاءَ (٢) الكفار.
(٢) في "ن": "موالاة".

﴿فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ﴾ أي: من ديِنهِ.
﴿فِي شَيْءٍ﴾ لأنه منسلخٌ عن ولايةِ اللهِ تعالى ودينِه. قرأ الليثُ عن الكسائيِّ: (يَفْعَل ذلِكَ) بإدغام اللام في الذال (١)، ثم استثنى فقال:
﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ المعنى: إلا لأجلِ خوفكم منهم أمرًا يجبُ الاحترازُ منه، فيداريهم المؤمنُ بلسانِهِ وقلبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإيمان. قرأ يعقوبُ: (تَقِيَّةً) بفتح التاءِ وكسر القافِ وتشديد الياء بعدَها، والباقون: بضم التاء وفتح القاف وألف بعدها، وحمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ يُميلون الألفَ على أصلهم (٢).
﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ أي: يُخَوِّفُكم عقوبَتَهُ بأن يغضبَ عليكم بموالاةِ الكفِار.
﴿وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ تحذير أيضًا.
﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩)﴾.
(٢) انظر: "الحجة" لأبي زرعة (ص: ١٥٩)، و"السبعة" لابن مجاهد (ص: ٢٠٤)، و"الحجة" لابن خالويه (ص: ١٠٧)، و"الغيث" للصفاقسي (ص: ١٧٥)، و"تفسير البغوي" (١/ ٣٤٠)، و "تفسير القرطبي" (١/ ٥٧)، و"تفسير الرازي" (٢/ ٤٣٥)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٣٩)، و"معجم القراءات القرآنية" (١/ ١٩ - ٢٠).