آيات من القرآن الكريم

لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ
ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ

وقوله وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ وهو استفهام ومعناه أمر. ومثله قول اللَّه «فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ» «١» استفهام وتأويله: انتهوا. وكذلك قوله «هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ» «٢» وهل تستطيع ربّك «٣» إنما [هو] «٤» مسألة. أو لا ترى أنك تقول للرجل: هَلْ أنت كاف عنا؟ معناه: اكفف، تقول للرجل: أَيْنَ أَيْنَ؟:
أقم ولا تبرح. فلذلك جوزى فِي الاستفهام كما جوزى فِي الأمر. وفي قراءة عَبْد اللَّه «هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِنْ عَذَابٍ أليم. آمنوا» «٥» ففسّر (هل أدلكم) بالأمر.
وفي قراءتنا على الخبر. فالمجازاة فِي قراءتنا على قوله (هل أدلكم) والمجازاة فِي قراءة عَبْد اللَّه على الأمر لأنه هُوَ التفسير.
وقوله: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ (٢١) تقرأ: ويقتلون «٦»، وهي فِي قراءة عَبْد اللَّه وقاتلوا فلذلك قرأها من قرأها (يقاتلون)، وقد قرأ بها الكسائي دهرًا يقاتلون ثُمَّ رجع، وأحسبه رآها فِي بعض مصاحف عَبْد اللَّه وقتلوا بغير الألف فتركها ورجع إلى قراءة العامة إذ وافق الكتاب فِي معنى قراءة العامة.
وقوله: فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ (٢٥) قيلت باللام. و (فى) قد تصلح فِي موضعها تقول فِي الكلام: جمعوا ليوم الخميس. وكأن اللام لفعل مضمر فِي الخميس كأنهم جمعوا لما يكون يوم الخميس.

(١) آية ٩١ سورة المائدة.
(٢) آية ١١٢ سورة المائدة.
(٣) هذه قراءة الكسائي، بنصب «ربك» أي هل تستطيع سؤال ربك. [.....]
(٤) زيادة اقتضاها السياق، وهى فى تفسير الطبري.
(٥) آيتا ١٠، ١١ سورة الصف.
(٦) أي الثانية فى الآية.

صفحة رقم 202

وإذا قلت: جمعوا فِي يوم الخميس لم تضمر فعلا. وفي قوله: جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ أي للحساب والجزاء.
وقوله: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ (٢٦) اللَّهُمَّ كلمة تنصبها العرب. وقد قال بعض «١» النحويين: إنما نصبت إذ زيدت فيها الميمان لأنها لا تنادى بيا كما تقول: يا زَيْدُ، ويا عَبْد اللَّه، فجعلت الميم فيها خلفا من يا. وقد أنشدني «٢» بعضهم:

وما عليك أن تقولي كلما صليت أو سبحت يا اللهم ما
أردد علينا شيخنا مسلما «٣» ولم نجد العرب زادت مثل هذه الميم فِي نواقص الاسماء إلا مخففة مثل الفم وابنم وهم «٤»، ونرى أنها كانت كلمة ضم إليها أم، تريد: يا اللَّه أمنا بخير، فكثرت فِي الكلام فاختلطت «٥». فالرفعة التي فِي الهاء من همزة أم لما تركت «٦» انتقلت إلى ما قبلها.
ونرى أن قول العرب: (هلم إلينا) مثلها إنما كانت (هَلْ) فضم إليها أم فتركت على نصبها. ومن العرب من يقول إذا طرح الميم: يا الله اغفر لى، ويا الله
(١) هو الخليل. وانظر سيبويه ١/ ٣١٠
(٢) يريد الردّ على الرأى السابق. وذلك أن الميم المشدّدة لو كانت خلفا من حرف النداء لما جمع بينهما فى هذا الرجز. ويجعل أصحاب هذا الرأى الرجز من الشاذ الذي لا يعوّل عليه.
(٣) «يا اللهم ما» زيدت (ما) بعد اللهم. وقد ذكر ذلك الرضى فى شرح الكافية فى مبحث المنادى. والشيخ هنا الأب أو الزوج. وانظر الخزانة ١/ ٣٥٨
(٤) كأنه يريد هم الضمير، وأصلها هوم إذ هى جمع هو فحذفت الواو وزيدت الميم للجمعية وإن كان هذا الرأى يعزى إلى البصريين. وانظر شرح الرضى للكافية فى مبحث الضمائر.
(٥) أي امتزجت بما قبلها، وهو لفظ الجلالة. وفى الطبري: «فاختلطت به».
(٦) أي الهمزة، يريد حذفها للتخفيف بعد نقل حركتها إلى ما قبلها.

صفحة رقم 203

اغفر لي، فيهمزون ألفها ويحذفونها. فمن حذفها فهو على السبيل لأنها ألف ولام مثل الحارث من الاسماء. ومن همزها توهم أنها من الحرف إذ كانت لا تسقط منه أنشدني بعضهم:
مبارك هُوَ ومن سماه... على اسمك اللهم يا أللَّه
وقد كثرت (اللهم) فِي الكلام حَتَّى خففت ميمها فِي بعض اللغات أنشدني بعضهم:
كحلفةٍ من أَبِي رياح... يسمعها اللهم الكبار «١»
وإنشاد العامة: لاهه الكبار. وأنشدني الكسائي:
يسمعها اللَّه والله كبار وقوله تبارك وتعالى: تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ. (إذا «٢» رَأَيْت من تشاء مع من تريد من تشاء أن تنزعه منه). والعرب تكتفي بما ظهر فِي أول الكلام مما ينبغي أن يظهر بعد شئت. فيقولون: خذ ما شئت، وكن فيما شئت. ومعناه فيما شئت أن تكون فِيهِ. فيحذف الفعل بعدها قال تعالى: «اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ» «٣» وقال تبارك وتعالى فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شاءَ رَكَّبَكَ «٤» والمعنى- والله أعلم-: فِي أي صورة شاء أن

(١) هذا من قصيدة للأعشى أوّلها:
ألم تروا إرما وعادا... أودى بها الليل والنهار
وقبل البيت:
أقسمتم حلفا جهارا... أن نحن ما عندنا عرار
وأبو رياح رجل من بنى ضبيعة قتل رجلا فسألوه أن يحلف أو يدفع الدية فحلف ثم قتل فضربته العرب مثلا لما لا يغنى من الحلف. وانظر الخزانة ١/ ٣٤٥، والصبح المنير ١٩٣. وقوله: والله كبار يقرأ لفظ الجلالة باختلاس فتحة اللام وسكون الهاء، وكبار مبالغة الكبير.
(٢) كذا فى ش ج. ولم يستقم وجه المعنى فيه. وكأن الأصل: أن تؤتيه إياه. (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) أن تنزعه منه.
(٣) آية ٤٠ سورة فصلت.
(٤) آية ٨ سورة الانفطار.

صفحة رقم 204

يركبك ركبك. ومنه قوله تعالى: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ «١» وكذلك الجزاء كله إن شئت فقم، وإن شئت فلا تقم المعنى: إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت ألا تقوم فلا تقم. وقال اللَّه فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ «٢» فهذا بين أن المشيئة واقعة على الإيمَان والكفر، وهما متروكان. ولذلك قَالَت العرب: (أيها شئت فلك) فرفعوا أيا لانهم أرادوا أيها شئت أن يكون لك فهو لك. وقالوا (بأيهم شئت فمر) وهم يريدون: بأيهم شئت أن تمر فمر.
وقوله: تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ... (٢٧)
جاء التفسير أنه نقصان الليل يولج فِي النهار، وكذلك النهار يولج «٣» فِي الليل، حَتَّى يتناهى طول هذا وقصر هذا.
وقوله وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ذكر عن ابن عَبَّاس أنها البيضة: ميتة يخرج منها الفرخ حيا، والنطفة: ميتة يخرج منها الولد.
وقوله: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ... (٢٨)
نهى، ويجزم فِي ذلك. ولو رفع على الخبر «٤» كما قرأ من قرأ: لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها «٥».
وقوله إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً هى أكثر كلام العرب، وقرأه القرّاء. وذكر عن الْحَسَن ومجاهد أنهما قرءا «تقية» وكلّ صواب.

(١) آية ٣٩ سورة الكهف. [.....]
(٢) آية ٢٩ سورة الكهف.
(٣) فى ج: «فيه» والوجه ما أثبت.
(٤) والمعنى: لا ينبغى أن يكون ذلك. وجواب لو محذوف، أي لجاز.
(٥) آية ٢٣٣ سورة البقرة.

صفحة رقم 205

وقوله: يَعْلَمْهُ اللَّهُ... (٢٩)
جزم على الجزاء. وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ رفع على الاستئناف كما قال اللَّه فِي سورة براءة قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ «١» فجزم الأفاعيل، ثُمَّ قال وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ رفعا على الائتناف «٢». وكذلك قوله فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ «٣» ثم قال وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ ويمح فِي نية رفع مستأنفه وإن لم تكن فيها واو حذفت منها الواو كما حذفت فى قوله سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ «٤». وإذا عطفت على جواب الجزاء جاز الرفع والنصب والجزم. وأما قوله وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ «٥» وتقرأ جزما على العطف ومسكنه تشبه الجزم وهي فِي نية رفع تدغم الراء من يغفر عند اللام، والباء من يعذب عند الميم كما يقال أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ «٦» وكما قرأ الْحَسَن شَهْرُ رَمَضانَ «٧».
وقوله: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً... (٣٠)
ما فِي مذهب الَّذِي. ولا يكون جزاء لأن (تجد) قد وقعت على ما.
وقوله وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ فإنك تردّه أيضا على (ما) فتجعل (عملت) صلة لها فِي مذهب رفع لقوله (تودّ لو أنّ بينها) ولو استأنفتها فلم توقع عليها (تجد) جاز الجزاء تجعل (عملت) مجزومة. «٨» ويقول فِي تود: تود بالنصب وتود. ولو كان التضعيف

(١) آية ١٤ سورة التوبة.
(٢) يقال: ائتنف الشيء واستأنفه، ومعناهما واحد.
(٣) آية ٢٤ سورة الشورى.
(٤) آية ١٨ سورة العلق.
(٥) آية ٢٨٤ سورة البقرة.
(٦) آية ١ سورة الماعون.
(٧) آية ١٨٥ سورة البقرة.
(٨) أي على أن ما جازمة يكون تودّ بالفتح، حرك بذلك للتخلص من الساكنين، وأوثر الفتح للخفة، ويجوز الكسر على أصل التخلص. وهذا على لغة الإدغام، ويجوز الفك فيقال: تودد، كما هو معروف.

صفحة رقم 206
معاني القرآن للفراء
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء
تحقيق
أحمد يوسف نجاتي
الناشر
دار المصرية للتأليف والترجمة - مصر
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية