آيات من القرآن الكريم

رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ
ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ

(رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ... (١٩٤)
* * *
لقد ترقوا في الطلب، فانتقلوا من طلب الغفران إلى طلب الثواب، فمعنى النص الكريم: أعطنا يوم القيامة ما وعدتنا به على ألسنة رسلك الأكرمين، وقد أخروا ذلك لشعورهم بهفواتهم أكثر من شعورهم بحسناتهم التي يستحقون عليها الثواب، وقوله: (عَلَى رُسُلِكَ) على حذف مضاف أي ألسنة رسلك، وقالوا على رسلك، ولم يقولوا على رسولك للإشارة إلى أن ثواب المطيع وعقوبة العاصي مما جاء به كل الرسل، ولتأكيد طلب إعطاء الثواب، ومع بلوغهم مرتبة الرجاء كان يغلب عليهم الخوف، ولذلك أردفوا الرجاء بقولهم: (وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وختموا ضراعتهم بقولهم: (إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ). وقد أكدوا رجاءهم في أن يوفوا أجرهم وتغفر لهم ذنوبهم.
هذا وننبه إلى أمرين:
أولهما: أنهم كرروا في ضراعتهم كلمة (ربنا) وذلك لأن تفكيرهم وذكرهم أداهم إلى الاعتراف بكمال الربوبية.
ثانيهما: أن النبي - ﷺ - تلا هذه الآيات، ثم قال: " اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا، وعن يميني نورا، وعن شمالي نورا،

صفحة رقم 1551

ومن بين يدي انورا، ومن خلفي نورا، من فوقي نورا، ومن تحتي نورا، وأعظم لي نورا يوم القيامة " (١).
* * *
(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (١٩٥) لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٩٧) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (١٩٨) وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (١٩٩) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠)
* * *
________
(١) روى مسلم: صلاة المسافرين - الدعاء في صلاة الليل وقيامه) ١٢٨). كما رواه أبو داود: الصلاة - صلاة الليل (١١٤٨)، وأحمد: مسند بني هاشم (٣٣٦٠).

صفحة رقم 1552

هذه إجابة الدعاء المتكرر الذي ابتهلوا به لربهم، وقد تكررت ضراعتهم لله تعالى بتكرار كلمة (ربنا)، إذ قد تكررت خمس مرات، وقد قال الحسن البصري: (ما زالوا يقولون ربنا حتى استجاب لهم) وقال الإمام جعفر الصادق: (من حزبه أمر، فقال خمس مرات (ربنا) أنجاه الله مما يخاف، وأعطاه ما أراد، قيل: وكيف كان ذلك؛ قال: اقرءوا إن شئتم: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (١٩١) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (١٩٢) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (١٩٣) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (١٩٤).
والمراد من قول حفيد الرسول - ﷺ - أن نذكر (ربنا) ضارعين خاضعين خاشعين، مدركين معنى الربوبية والألوهية، ومذعنين لأحكامه.
* * *

صفحة رقم 1553
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية