آيات من القرآن الكريم

رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ
ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ

﴿ربنا وآتنا مَا وَعَدتَّنَا على رُسُلِكَ﴾ حكايةٌ لدعاءٍ آخرَ لهم مسبوقٍ بما قبله معطوفٍ عليه لتأخّر التحليةِ عن التخلية وتكريرُ النداء لما مر مرارا والمراد بالموعود الثواب وعلى إما متعلقةٌ بالوعد كما في قولك وعد الله الجنةَ على الطاعة أي وعدتَنا على تصديق رسلِك أو بمحذوف وقع صفةٌ لمصدرٍ مؤكدٍ محذوفٍ أي وعدتنا وعداً كائناً على ألسنة رسلِك وقيل التقديرُ منزلاً على رسلك أو محمولاً على رسلك ولا يخفى أن تقديرَ الأفعالِ الخاصةِ في مثل هذه المواقعِ تعسفٌ وجمعُ الرسلِ مع أن المناديَ هو الرسول ﷺ وحده لما أن دعوتَه عليه السلام لاسيما في باب التوحيدِ وما أجمع عليه الكلُّ من الشرائع منطويةٌ على دعوة الكلِّ فتصديقُه تصديقٌ لهم عليهم السلام كيف لا وقد أخذ منهم الميثاقَ بالإيمان به عليه السلام لقوله تعالى ﴿وَإِذْ أَخَذَ الله ميثاق النبيين لَمَا آتيتكم مّن كتاب﴾ الآية وكذا الموعودُ على لسانه من الثواب موعودٌ على ألسنة الكلِّ وإيثارُ الجمعِ لإظهار كمال الثقة بانجاز الموعود بناءً على كثرة الشهود
﴿وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ القيامة﴾ قصَدوا بذلك تذكيرَ وعدِه تعالى بقوله يَوْمٌ لاَّ يخزِى الله النَّبىّ والَّذِينَ آمنُوا مَعَهُ مُظْهرين أنهم ممن آمن معه رجاءً للانتظام في سلكهم يومئذ وقولُه تعالى
﴿إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الميعاد﴾ تعليلٌ لتحقيق ما نَظَموا في سلك الدعاءِ وهذه الدعواتُ وما في تضاعيفها من كمالِ الضراعة

صفحة رقم 132

١٩٥ - آل عمران والابتهالِ ليست لخوفهم من إخلاف الميعادِ بل لخوفهم من أن لا يكونوا من جملة الموعودين بتغير الحالِ وسوءِ الخاتمةِ والمآلِ فمرجِعُها إلى الدعاء بالتثبيت أو للمبالغة في التعبُّد والخشوعِ والميعادُ الوعدُ وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه البعثُ بعد الموت وفي الآثار عن جعفر الصادق من حزبه أمرٌ فقال ربنا خمسَ مراتٍ أنجاه اللَّهُ مما يخاف وأعطاه ما أراد وقرأ هذه الآية

صفحة رقم 133
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية