
وقد قرأ ابن مسعود، وابن عباس «وشاورهم في بعض الأمر».
قوله تعالى: فَإِذا عَزَمْتَ قال ابن فارس: العزم: عقد القلب على الشيء ويريد أن يفعله. وقد قرأ أبو رزين، وأبو مجلز، وأبو العالية، وعكرمة، والجحدري: (فإذا عزمتُ) بضم التاء. فأما التوكل، فقد سبق شرحه.
ومعنى الكلام: فإذا عزمت على فعل شيء، فتوكل على الله، لا على المشاورة.
[سورة آل عمران (٣) : آية ١٦٠]
إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٦٠)
قوله تعالى: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ قال ابن فارس: النصر: العون، والخذلان: ترك العون. وقيل الكناية في قوله تعالى مِنْ بَعْدِهِ تعود إلى خذلانه.
[سورة آل عمران (٣) : آية ١٦١]
وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٦١)
قوله تعالى: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ، في سبب نزولها سبعة أقوال:
(٢٢٨) أحدها: أن قطيفة من المغنم فقدت يوم بدر، فقال ناس: لعلّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أخذها، فنزلت هذه الآية، رواه عكرمة عن ابن عباس.
(٢٢٩) والثاني: أن رجلاً غلَّ من غنائم هوازن يوم حنين، فنزلت هذه الآية، رواه الضحاك عن ابن عباس.
(٢٣٠) والثالث: أن قوماً من أشراف الناس طلبوا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يخصهم بشيء من الغنائم، فنزلت هذه الآية، نقل عن ابن عباس أيضاً.
(٢٣١) والرابع: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعث طلائعا، فغنم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم غنيمة، ولم يقسم للطلائع، فقالوا قسم الفيء ولم يقسم لنا، فنزلت هذه الآية، قاله الضّحّاك.
- وأخرجه الطبري ٨١٣٧ عن خصيف عن مقسم عن ابن عباس وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب وروى بعضهم هذا الحديث عن خصيف عن مقسم، ولم يذكر فيه ابن عباس اه.
وورد من وجه آخر عن ابن عباس، أخرجه الطبراني ١١/ ١٠١ والواحدي في «أسباب النزول» ٢٥٦ وإسناده ضعيف لضعف محمد بن أحمد النرسي شيخ الطبراني. والله أعلم.
باطل. ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٢٥٧ م عن الضحاك عن ابن عباس والضحاك لم يسمع ابن عباس، وراوية الضحاك هو جويبر بن سعيد، وهو متروك الحديث والسورة نزلت قبل حنين بزمن، فهذا خبر باطل.
لم أقف على إسناده. ذكره الواحدي في «أسباب النزول» بدون إسناد، فهذا لا شيء، لخلوه عن الإسناد.
ضعيف. أخرجه الطبري ٨١٤٤ والواحدي في «أسباب النزول» ٢٥٧ عن الضحاك مرسلا، فهو ضعيف.

(٢٣٢) والخامس: أن قوماً غلُّوا يوم بدر، فنزلت هذه الآية، قاله قتادة.
والسابع: أنها نزلت في غلول الوحي، قاله القرظيّ، وابن إسحاق «١».
وذكر بعض المفسرين أنهم كانوا يكرهون ما في القرآن من عيب دينهم وآلهتهم، فسألوه أن يطوي ذلك، فنزلت هذه الآية.
واختلف القرّاء في «يغل» فقرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو: بفتح الياء وضمّ الغين، ومعناها:
يخون، وفي هذه الخيانة قولان: أحدهما: خيانة المال على قول الأكثرين. والثاني: خيانة الوحي على قول القرظيّ، وابن إسحاق. وقرأ الباقون: بضمّ الياء وفتح الغين، ولها وجهان: أحدهما: أن يكون المعنى يخان، ويجوز أن يكون: يلفى خائنا، يقال: أغللت فلانا، أي: وجدته غالا، كما يقال:
أحمقته: وجدته أحمق، وأحمدته: وجدته محمودا، قاله الحسن، وابن قتيبة. والثاني: يخوّن، قاله الفرّاء، وأجازه الزجّاج، وردّه ابن قتيبة، فقال: لو أراد: يخون، لقال: يغلل، كما يقال: يفسق ويخون، ويفجر.
وقيل: «اللام» في قوله «لنبيّ» منقولة، ومعنى الآية: وما كان النبيّ ليغلّ، ومثله: ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ «٢» أي: ما كان الله ليتّخذ ولدا. وهذه الآية من ألطف التّعريض، إذ قد ثبتت براءة ساحة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من الغلول، فدلّ على أنّ الغلول في غيره. ومثله: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ «٣» وقد ذكر عن السّدّيّ نحو هذا.
قوله تعالى: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ الغلول: أخذ شيء من المغنم خفية، ومنه الغلالة، وهي ثوب يلبس تحت الثياب، والغلل: وهو الماء الذي يجري تحت الشّجر، والغلّ: وهو الحقد الكامن في الصّدر، وأصل الباب الاختفاء. وفي إتيانه بما غلّ ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه يأتي بما غلّه، يحمله، ويدلّ عليه ما روى البخاريّ ومسلم في «الصّحيحين» من حديث أبي هريرة قال:
(٢٣٢) ضعيف. أخرجه الطبري ٨١٥٢ وعبد بن حميد كما في «الدر» ٢/ ١٦٢ عن قتادة مرسلا، فهو ضعيف.
لا أصل له. ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٢٥٨ م عن الكلبي ومقاتل بدون إسناد. وقال الحافظ في «تخريج الكشاف» ١/ ٤٣٤: ذكره الثعلبي والواحدي في «أسبابه» عن الكلبي ومقاتل... اه.
وهو معضل، مقاتل إن كان ابن سليمان فهو متروك متهم، وإن كان ابن حيان فقد روى مناكير كثيرة، وأما الكلبي فمتروك متهم ولم أر من أسنده، ولا روي عن غيرهما.
__________
(١) ضعيف جدا. أخرجه الطبري ٨١٤٧ عن ابن إسحاق، وهذا معضل فهو ضعيف جدا.
(٢) سورة مريم: ٣٦.
(٣) سورة سبأ: ٢٥.