آيات من القرآن الكريم

ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِنْكُمْ ۖ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ۖ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ ۗ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ۗ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ ۖ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا ۗ قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ۖ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ

أخرج ابْن جرير عَن السّديّ
أَن الْمُشْركين انصرفوا يَوْم أحد بعد الَّذِي كَانَ من أَمرهم وَأمر الْمُسلمين فواعدوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَدْرًا من قَابل فَقَالَ لَهُم: نعم
فتخوّف الْمُسلمُونَ أَن ينزلُوا الْمَدِينَة فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا فَقَالَ: انْظُر فَإِن رَأَيْتهمْ قد قعدوا على أثقالهم وجنبوا خيولهم فَإِن الْقَوْم ذاهبون
وَإِن رَأَيْتهمْ قد قعدوا على خيولهم وجنبوا على أثقالهم فَإِن الْقَوْم ينزلون الْمَدِينَة
فَاتَّقُوا الله واصبروا ووطنهم على الْقِتَال
فَلَمَّا أبصرهم الرَّسُول قعدوا على الأثقال سرَاعًا عجالاً نَادَى بِأَعْلَى صَوته بذهابهم فَلَمَّا رأى الْمُؤْمِنُونَ ذَلِك صدقُوا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَامُوا وَبَقِي أنَاس من الْمُنَافِقين يظنون أَن الْقَوْم يأتونهم فَقَالَ الله يذكر حِين أخْبرهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً يغشى طَائِفَة مِنْكُم وَطَائِفَة قد أهمتهم أنفسهم﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: أَمنهم الله يَوْمئِذٍ بنعاس غشاهم وَإِنَّمَا يَنْعس من يَأْمَن

صفحة رقم 352

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ: سَأَلت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن قَول الله ﴿ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً﴾ قَالَ: ألقِي علينا النّوم يَوْم أحد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن أنس أَن أَبَا طَلْحَة قَالَ: غشينا وَنحن فِي مَصَافنَا يَوْم أحد حدث أَنه كَانَ مِمَّن غشيه النعاس يَوْمئِذٍ قَالَ: فَجعل سَيفي يسْقط من يَدي وَآخذه وَيسْقط وَآخذه
فَذَلِك قَوْله ﴿ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً يغشى طَائِفَة مِنْكُم﴾ والطائفة الْأُخْرَى المُنَافِقُونَ لَيْسَ لَهُم هم إِلَّا أنفسهم أجبن قوم وأرعبه
وأخذله للحق يظنون بِاللَّه غير الْحق ظن الْجَاهِلِيَّة كذبهمْ إِنَّمَا هم أهل شكّ وريبة فِي الله
وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن الزبير ابْن العوّام قَالَ: رفعت رَأْسِي يَوْم أحد فَجعلت أنظر وَمَا مِنْهُم من أحد إِلَّا وَهُوَ مميد تَحت حجفته من النعاس
فَذَلِك قَوْله ﴿ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً﴾ وتلا هَذِه الْآيَة ﴿ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً﴾
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الزبير ابْن العوّام قَالَ: رفعت رَأْسِي يَوْم أحد فَجعلت أنظر وَمَا مِنْهُم أحد إِلَّا وَهُوَ مميد تَحت حجفته من النعاس
وتلا هَذِه الْآيَة ﴿ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن رَاهَوَيْه وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الزبير قَالَ: لقد رَأَيْتنِي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين اشْتَدَّ الْخَوْف علينا أرسل الله علينا النّوم فَمَا منا من رجل إِلَّا ذقنه فِي صَدره فوَاللَّه إِنِّي لأسْمع قَول معتب بن قُشَيْر مَا أسمعهُ إِلَّا كَالْحلمِ ﴿لَو كَانَ لنا من الْأَمر شَيْء مَا قتلنَا هَا هُنَا﴾

صفحة رقم 353

فحفظتها مِنْهُ وَفِي ذَلِك أنزل الله ﴿ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً﴾ إِلَى قَوْله ﴿مَا قتلنَا هَا هُنَا﴾ لقَوْل معتب بن قُشَيْر
وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَرَأَ فِي آل عمرَان ((أَمَنَة نعاسا تغشى)) بِالتَّاءِ
وأخرح عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ النعاس عِنْد الْقِتَال أَمَنَة من الله وَالنُّعَاس فِي الصَّلَاة من الشَّيْطَان
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: إِن الْمُنَافِقين قَالُوا لعبد الله بن أبي - وَكَانَ سيد الْمُنَافِقين - فِي أنفسهم قتل الْيَوْم بَنو الْخَزْرَج
فَقَالَ: وَهل لنا من الْأَمر شَيْء أما وَالله (لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل) (المُنَافِقُونَ الْآيَة ٨) وَقَالَ ﴿لَو كُنْتُم فِي بُيُوتكُمْ لبرز الَّذين كتب عَلَيْهِم الْقَتْل﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة وَالربيع فِي قَوْله ﴿ظن الْجَاهِلِيَّة﴾ قَالَا: ظن أهل الشّرك
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ معتب: الَّذِي قَالَ يَوْم أحد ﴿لَو كَانَ لنا من الْأَمر شَيْء مَا قتلنَا هَا هُنَا﴾ فَأنْزل الله فِي ذَلِك من قَوْله ﴿وَطَائِفَة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بِاللَّه﴾ إِلَى أخر الْقِصَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله ﴿يخفون فِي أنفسهم مَا لَا يبدون لَك﴾ كَانَ مِمَّا أخفوا فِي أنفسهم أَن قَالُوا ﴿لَو كَانَ لنا من الْأَمر شَيْء مَا قتلنَا هَا هُنَا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ: لما قتل من قتل من أَصْحَاب مُحَمَّد أَتَوْ عبد الله بن أبي فَقَالُوا لَهُ: مَا ترى فَقَالَ: إِنَّا - وَالله - مَا نؤامر ﴿لَو كَانَ لنا من الْأَمر شَيْء مَا قتلنَا هَا هُنَا﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن قَوْله ﴿قل لَو كُنْتُم فِي بُيُوتكُمْ لبرز الَّذين كتب عَلَيْهِم الْقَتْل إِلَى مضاجعهم﴾ قَالَ: كتب الله على الْمُؤمنِينَ أَن يقاتلوا فِي سَبيله وَلَيْسَ كل من يُقَاتل يقتل وَلَكِن يقتل من كتب الله عَلَيْهِ الْقَتْل
الْآيَة ١٥٥

صفحة رقم 354
الدر المنثور في التأويل بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي
الناشر
دار الفكر - بيروت
سنة النشر
1432 - 2011
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية